أدمغتهم كبيرة ولكنهم مجرمون :
أما ذووا الأدمغة الكبيرة ، الذين ضلوا وأضلوا ، فمن شأنهم على اختلاف درجاتهم وحقول نشاطهم ، أن يبرزوا وينشهروا ، ويتصدروا المواقع في المجتمعات والأمم ، ويكون لهم من ذوي الأدمغة الأدنى وزناً ، أو من ذوي النفوس الضعيفة ، أتباع وأتباع ، كان فرضاً عليهم وبالحد الأدنى من التفكير السليم ، أن يتبعوا أولي الألباب من الأنبياء والأولياء والصديقين ، وقد أوجب الله عليهم ذلك ويسّرهم لهم إلى قيام الساعة ، أما وقد هانوا وانقادوا لذوي الأدمغة الكبيرة الشاردة والنفوس المجرمة بين الحاد وعلمنة ونرجسية ، أو قوة مال وجاهلية في شتى نشاطات الحياة من سياسة وعلم ظني ، وشعـر وأدب وفن ، وأخلاق، كل ذلك مما تمارسه أبالسة الأقلام وأبالسة الإعلام ، فسيكون لهم مصير لا تنفع معه ندامة : والله عز وجل يصور مصيرهم بقوله :
{ يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا ، وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا }(سورة الأحزاب ، الآيتان 66 و 67).
وهكذا الإنسان . الإنسان الذي سخرت له مُقَـدَّرَات السماوات والأرض ، ودماغ الإنسان ، هذه الميزة الكبـرى والآية الكبـرى . فمن حيث الخصوص كل دماغ يكون لصاحبه إما الخلاص وإما الكارثة ما دام لا يعقل به كما ينبغي له ، ومن حيث العموم فإن الذين يقودون المجتمعات إما أن يكونوا سبباً في خلاص مجتمعاتهم وإما سبباً في كوارثها . ويهون الأمر إذا انتهت الكوارث في حدود الأرض ، ولكن الأمر شديد الخطورة رهيب ، ما دام متعلقاً بحياة بعد الموت ، وبحياة طويلة .. طويلة .. خالدة …
وأنت إما أن تكون قائداً ، وإما أن تكون تابعاً .. وبحث التبعية عندي أهم في بلادنا هذه التي يكثر فيها الأتباع والأزلام والطبالون والزمارون . وما أكفر القادة ـ إلاَّ من رحم ربك ـ وما أسفه الأتباع الإمعات ! … فالعجب العجب ، من أناس يتبعون الكفرة والفجرة والظلمة من اللادينيين ، ويتخلون عن عباد الرحمان أهل اليقين أولي الألباب . ويقذفون بأنفسهم مختارين ، إلى خزي الدنيا وعذاب الآخرة .