أقوى من المركبات الفضائية وأقوى من الصواريخ:
========================================
قال الله تبارك وتعالى :
{ إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ . وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ . لاَ يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلأِ الأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ . دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ . إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ . فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَم مَّنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لاَزِبٍ . سورة الصافات ، الآيات ( ٦ ـ ۱۱ ) } .
وبين عفاريت سليمان عليه السلام وهذه العفاريت أو الشياطين التي ذكرها سبحانه في سورة الصافات ، نستطيع وبالمقارنة أن نفهم مدى القوى التي جهَّز الله تعالى بها هذه المخلوقات غير المرئية والسابحة في هذا الفضاء الشاسع .
قال تعالى ذاكراً نقل عرش ملكة سبأ من اليمن إلى بلاد الشام ، في كلام عن سليمان الحكيم :
{ قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ . قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ . سورة النمل الآيتان ( ۳۹ ـ ٤۰ ) } .
ففي آيات سورة الصافات هذه الأوصاف : { وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ . الآية ۷ } ، ومعنى المارد ، القوي والمتمرد والخبيث . ثم { لاَ يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلأِ الأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ . الآية ۸ } والملأ الأعلى هو عالم ثم عوالم ما فوق السماء الدنيا ، وهو عالم الملائكة وأخبار السماوات وفيها هندسة ما يجري وما قد يجري على الأرض وأهل الأرض في مجالات العلم والمشيئة والتقدير ثم القضاء الحتم الذي لا راد له . وقد كان هؤلاء المردة من شياطين الجن يتخذون ـ قبل بعثة محمد رسول الله (ص ) ـ مقاعد للسمع ، كما أخبر الله سبحانه على لسانهم في سورة الجن :
{ وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا . وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الآَنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا . سورة الجن الآيات ( ۸ ـ ۹ ) } .
ثم في أوصاف هذه المخلوقات في آيات الصافات : { دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ . الآية ۹ } والدَّحر ـ كما في القواميس ـ الدفع الشديد المذل المهين مع الإبعاد ، والعذاب الواصب ـ في اللسان ـ الوصب الوجع الدائم . فيفهم من ذلك أن هؤلاء الشياطين في واقع حبس في أجواء ما تحت السماء الدنيا ، معذبون ، ذووا نفوس ٍ عدوانية ، حيل بينهم وبين ما يريدون هم من سماع أخبار السماء أو من أذىً لبقية ما خلق الله تحت السماء الدنيا . والصفة الأخيرة في الصافات تحسم عدم معرفتهم بشيء من أخبار غيب السماوات : قوله تعالى : { إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ . الآية ۱۰} يصدِّعه أو يمزقه أو يفجره تفجيرا .
أما قوله تبارك وتعالى : { فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَم مَّنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لاَزِبٍ . الآية ۱۱} فيه دلالة قوية على مدى الفارق الكبير بين قوة الإنسان وقوة أمثال هؤلاء المردة ، يذكرنا بذلك بالضـرورة القرآنية أحد عفاريت سليمان ، ذلك الآنف الذكر ، الذي سخَّره الله فيما سخَّر له من شياطين وعجائب .
وهذا ينقلنا أيضاً بالضرورة ، إلى مقارنتهم ـ أي هؤلاء الشياطين المردة ، ليس فقط بالإنسان ـ الذي من طين لازب ـ وهم كما في سورة الرحمۤن { … مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ . الآية ۱۵} . وإنما مقارنتهم كذلك بما يصنع الإنسان من طائرات وغواصات ، ومراكب فضائية ومحطات وصواريخ وأقمار ، وما نعلم من أخبار العلم المذهل في مجالات التكنولوجيا الظاهرة والسرية وما لا نعلم .
فإذن ، إنَّ بين كل هذه الأعاجيب الآلية التي اخترعها الإنسان وأطلقها أو سيرها في البر والبحر وأجواء ما تحت السماء الدنيا ، إنَّ بينها مخلوقات هائلة غير مرئية ، هي أقوى وأعظم بكثير ، مما خلق الإنسان على دعواه ، تروح وتجيء بين آلياته وعجائبه ، تنظر إليها ، إلى ما صنع الإنسان ، وتتمنى لو يأذن لها الله رب العزة والجبروت ، فتدمر بلحظات ، جميع هذه الأدوات الإستفزازية التي أصبحت والعلم الذي وراءها أوثاناً تعبد من دون الله عزت عظمته وجلت قدرته .
ومنها ما قد يظهر للعين المجردة ، لحكمة أرادها الله سبحانه ، وهو أحكم الحاكمين .
فإننا نعتقد ـ بإذن الله تعالى ـ أن ما يسمى بالصحون الطائرة ، التي كثر وما زال يكثر عنها الكلام . ما هي إلا حقائق ، وأشكال من هذه المخلوقات التي سخرها الله للإنسان .. الإنسان الذي ما طغى بعد في الميزان .
.. ألاَّ تطغوا في الميزان :
====================
قال الله تبارك وتعالى : { أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ . وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ . سورة الرحمۤن الآيات ( ۸ ـ ۹ ) } . وقال تبارك وتعالى : { كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلاَ تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى . وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى . سـورة طـه الآيـات ( ۸۱ ـ ۸۲ ) } .