إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ

{ وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ . سورة الغاشية ـ الآية 18}

{ .. إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ .. سورة فاطر الآية ۲۸ }

          هذه الآية قالها عالم الكيمياء هبة الله المشرقي لزميله عالـم الفلك الإنكليزي ، فأسلم .  وكان السبب في ذلك ما يلي :

          ” جيمس جونز ” وهو من أشهر علماء الفلك في القرن العشرين ،  خارجاً من جامعة كمبردج  حيث يدرِّس فيها هو والمشرقي ، وكان الجو ممطراً بغزارة  ، فالتقاه زميله هبة الله على باب الجامعة  والمطر يتقطر من وجهه وأذنيه ،  بينما مظلته تحت إبطه مع كتاب ضخم ، فسأله المشرقي : إلى أين ، قال إلى الكنيسة ، قال ولماذا ولا أعلمك من المصلين ولا المتدينين . قال أصبحت منهم وأنا ذاهب لأسجد لله سجدة طويلة وأقول له ما أعظمك ! ما أعظمك يا رب ! . قال المشرقي والمطر ما زال ينهمر  عليهما غزيراً ، وما هذا تحت إبطك  قال الإنجيل ، قال وهذه ؟ فالتفت جيمس جونز  فوجد أنها مظلته ، لم  يفطن لاستعمالها  وهو بأمس الحاجة  إليها لأنه كان ما زال شارداً ذهنه في الفلك وتعقيداته  وعجيب نظامه وعظمة خالقه  ومبرمجه ومدبِّره وحافظه ، والذي هو الله تعالى لا شريك له ولا مساعد ، ومن يستطيع أن يساعد في حمل ثِقل واحد من أثقال هذه الغابات النارية ـ النورانية ـ  أو أن يلمَّ بأسفارها واتجاهاتها وحركاتها ناهيك عن خلقها على  عظائمها وعجائبها بين حرفين : الكاف والنون . ومن العدم ، فقد أثبت العلم أن المادة ليست أزلية ، لا سيما بعد اكتشاف ” القانـون الثانــي للحـرارة  الدينـاميكيـــة ” .  Second  law of Thermo Dynamics ، هذا القانـون يبرهن أن الحرارة  تنتقل دائماً من ( وجود حراري ) إلى ( عدم  حراري ) والعكس مستحيل .

          وبناءً على هذا الإكتشاف العلمي الرائع ثبت أن موجودات ما تحت السماء  الدنيا  من نجوم وكواكب وأجرام سماوية تتناقص كفاءَتها مع الزمن ، ولا بدَّ من أن تتساوى في وقت ما ـ إذا  شاء الله ـ  حرارة جميع الموجودات ، وعندئذ ، بعد استقراء هذا الوضع من الناحية  العلمية ، تنتهي الحياة أو تتوقف علـى  هـذه الأرض وتحت هذه السماء . نحن استطردنا .. وتركنا جيمس جونز يبتسم ، إذ انتبه لشروده عن مظلته حتى تبلل ولم يشعر ، ودعا صديقه ليشرح له في لقاء ٍ عصر ذلك اليوم ، سبب إيمانه العميق والفجائي .

          ومع تناول الشاي  أخذ عالم الفلك يتحدث عن بعض وجوه هذا النظام الإلـهي العظيم ، للسماء وكواكبها  ونجومها ، وعالم الكيمياء  القرآني ، يستمع ويوافق ، حتى وصل إلى درجة لم يعد رأسه يحتمل ، من عجائب تحركات الأجرام السماوية وتعقيداتها وأرقامها وأبعادها . فأشار إلى صديقه أن كفى ، ثم استأذنه بأن يتلو عليه آية من القرآن الكريم . قال :

          قال الله تبارك وتعالى :

          { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ . وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ . سورة فاطر الآيات ( 27 ـ 28) } .

          فاستعادها جيمس جونـز وتمعَّن فيها ، وتداول مع هبة الله بشأن تاريخها وتفسيرها . إلى  أن انتهى إلى القرار بأن هذا القرآن هو يقيناً من لدن الله تبارك وتعالى ، مقراً بأن محمَّداً (ص) هو رسول الله . فبادره المشرقي بقوله : على هذا الأساس أنت أسلمت  يا صديقي . قال : إذا كان الإسلام هو الإقرار  بوحدانية الله كما في كتابكم والإيمان بالقرآن منزلاً من لدن الله تبارك وتعالى وبمحمَّد ٍ رسولاً من عند الله ، فأنا أسلمت حقاً . فقال له : هل أكتب ما جرى بيننا وأنشره ؟ قال : اكتب وأنشر . وأنا شاكر لله  وبذلك فخور .

          لماذا { .. إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ .. } ولا سيما الذين يتتبعون في الآفاق وفي الأنفس عجائب خلق الله وغرائب آياته ، وبالأخص منهم علماء الفلك ؟ ذلك لقوله تعالى : { لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ .. سورة غافر آية 57 } .