اتخاذ القرار  :

        قد يقتنع القارىء بما مرّ به ، ويصمّم على التطبيق العملي ، صدقاً  والتزاماً بدين الله ، ولكن هذا التصميم  ، يكون عـادة ردّة فعل آنية للقارىء في حال تأمّله وتحكيم عقله ، والكتاب أو المقالة بين يديه ، فيقّر ويذعن ، ثم يعود إلى قواعده في المجتمع ، حيث يأخذه التيار الجاهلي من جديد ، فتصبح  قناعاته نسياً منسياً .

        والقارىء في هذه الحالة  ، كمن يقف أمام وردة عطرة ، تلفته حقيقتها الوردية ، رونقاً وعمقاً جمالياً ، ويشم عطرها فينتشي ، حتى إذا تركها ، نسي العطر  ونسي الوردة . فما هو المطلوب ؟

        المطلوب الذكر والتذكّر  .

       { .. إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ }(سورة الرعد ، الآية 19  .  وسورة الزمر ، الآية  9) .

       ويكون ذلك باتخاذ القرار الجمالي ، كأن يتأمل ويقول : تلك الوردة  حياتها سر  عطرها وجمالها :

       { هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ .. }(سورة لقمان  ، الآية  11) .

       إذ لو كانت اصطناعية  ، لكانت بلا حياة  ، يعني بلا سر . ونحن ندرك  هذا ونعقله فأيهما أكرم للنفس ، أن تتعامل مع الجمال البلاستيكي المحّنط ؟  مع النتاج الإنساني  ، أم مع الجمال المطلق الغنيّ بالحياة وأسرار الحياة ؟

        بديهي أنه أكرم للفطرة أن لا تلوث ، وللفكرة  أن لا تتحجم  فتنتكس ، أكرم لها أن تتجاوز الأرض والسماء ، أولى بها أن لا تنكمش  فتتعذب بانكماشها .  أولى بالإنسان  الذي كرّمه الله سبحانـه ، وسخّر له ما في  السموات  والأرض جميعاً منه ، أن لا يكـون مقلِّداً لأدعيـاء الفكـر ، المنكوسين ،  الشذاذ . التقليد شيمة القرود . إلاَّ إذا كان اتباعـاً لأولياء الله ، قوله تعالى :

       { .. وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ  .. } (سورة لقمان  ، الآية  15) .