استعدادا ليوم القيامة
العقل أمانة … نحاسب عليها أدق الحساب
العقيدة ، هي ما ينعقد عليه القلب ، حقّـاً كان أو غير حق . والسبيل إلى الحق ، هو العقل الذي شرفنا به الله عزّ وجلّ ، وهو سبحانه وتعالى في كثير من الآيات في كتابه الكريم ، يهيبُ بالناس أن يستعملوا عقولهم ، تفكراً وتدبّراً وتأملاً . ليتوصلوا إلى خلاص أنفسهم ، بمعرفة الحق الذي هو الغاية الأسمى ، وهو مناط الرجاء .
وما العقل الذي تتعدّد العناوين والمعاني المنتهيـة إليه ، من مثل الإسـلام أو الحنيفية أو الفطرة التي فطر الله الناس عليها ، أو الروح التي فيها قوله تعالى :
{ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ }(سورة الحجر ، الآية 29) .
أو الدين الذي دان به الإنسان لرب السموات السبع ورب العرش العظيم :
{..وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا..}(سورة الأعراف ، الآية 172).
ما العقل إذن ، أو الإسلام أو الحنيفية أو الفطرة أو الروح أو الديـن الإلـهي ، إلاَّ الأمانات التي أمر الله بعدم خيانتها :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ }(سورة الانفال الآية 27) .
هذه هي الأمانات التي أشفقت من حملها السماوات والأرض والجبال ، لأجل نسبة التكليف العالية ، التي يتلبس بها الإنسان من جرائها :
{ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ] أكرمه الله بها [ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا } (سورة الاحزاب الآية 72) .
الذي يخون عهود الله ولا يستعد لملاقاة الساعة ، استعداد الصديقين والشهداء وأولو الألباب .
إلاَّ أن فرقاً من الناس شذَّت ، ولا تزال فرق وأفراد يشذُّون . يرفضون ما أهاب به الله سبحانه ، ونبّه إليه بصريح الآيات ، مصرّين على هجر العقل ، آخذين بالسماع والتقليد ، فيما لا يجوز التقليد فيه من أصول الدين ، توحيداً ونبوة وإمامة ومعاداً وعدلاً ، وهذه في الحقيقة أمور اعتقادية ، ينبغي التوصّل إليها بالدليل العقلي ، والبرهان القطعي ، لأنها الأساس الذي تترتب عليه مدارج العبادات الصحيحة المقبولة عند رب العالمين .
هذا فضلاً عن تعامل الإنسان على أساسها مع نفسه ومع مجتمعه ، وبالتحديد ينبغي التوصّل إليها عن طريق العقل الذي لم تحجب فطرته ،
فتستقلّ بالعمل النفس الأمّارة .