الخلايا العصبية أو مفاعل النشاط البشري
في تحقيق عن الدماغ تحت عنوان ” رحلة العلماء في كشف أسرار الدماغ والعقل ” ورد فيه : ” ولكن الأساس في ذلك هو ( خلية عصبية ) تستطيع أن تتخاطب مع أنواعها بلغتها الخاصة ، ولغة هذه النبضات الكترونية ، تسري في داخل الكائنات الحية ، دون أن تشعر بسريانها . وبهذه اللغة الغريبة التي تسجلها أجهزتها الإلكترونية الحساسة على هيئة خطوط ترتفع وتنخفض ، يكون التخاطب والتفاهم ، بين هذا المجتمع الخلوي العظيم ، الذي تضمه أجسام الكائنات الحيًة ” .
” إن ” الخلية العصبية ” واحدة في جميع الكائنات الحية ” .
” إن أعصاب الدماغ تطلق مادة قادحة عند المحور ” .
” عدد خلايا الدماغ 12 مليون خلية هي بمثابة 12 مليون بطارية “P(*)P.
نستنتج ، أولاً : ما هي هذه اللغة التي تتخاطب بها الخلايا العصبية ، بثاً وتلقياً ، وشعوراً وإحساساً ، وتفكراً وتخيلاً ، ونوماً ويقظة ، ونشاطاً وهـدوءاً و … إلى ما لا يمكن حصره من نشاطات الإنسان ولو بموسوعات ، ما هي هذه اللغة الثـرية البسيطة علـى تعقيـدها ، الواسعة التـي تكـاد تسع العالم ،
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) العربي ـ العدد 269 أبريل 1981 .
ومن وضع رموزها وشيفرتها ، منذ دبت الحياة على هذا الكوكب . هذه اللغة التي تستوعـب كل اللغـات ولكن كل اللغـات الأرضيـة لا تستوعبها ولا تفهمها :
{ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ .. }P(1)P. صدق الله العظيم .
ثانياً : ما دامت الخلية واحدة في جميع الكائنات الحية ، فلماذا لم يكن الفيل والجمل ، أو الشمبانزي أو الأورانج من القردة العليا ، هي صاحبة الحضارة المسلطة على الإنسان ، وهي التي تقود السيارة والطيارة والباخرة ، وتنظم الشعر ، وترتل الكتب المقدسة ؟
وما دام الإنسان عينه لم يخلق هو دماغه ولا خلاياه ، ولا أدمغة غيره ولا خلاياها من الكائنات الحية ، وهو كذلك لم يضع لغة هذه الخلايا ولا يفهم لغتها الباطنية ولا أسرارها منذ وجد وحتى الآن ؟ فمن ذا الذي سوّده على الأرض والفضاء والبحار وبالتـالي على الكائنات الحية ، من ذا الذي سخر له ما في الأرض وما في السماء جميعاً منه ، ومن أعطاه هذه القدرات الهائلة التي بنى بها المجتمعات والحضارات وتجول في أجواء الكرة السماوية وغزا القمر وراود الكواكب الدّوارة ، يستكشفها وقد يهبط عليها يوماً ما ، وهو ما زال يطلق مركباته الفضائية ، يرصد كوكبنا الأرض من جميع جهاته كما يرصد الشموس والأقمار والمجرات . من جعل هذا الإنسان سيداً ومكّنه على هذا الكوكب في وقت ما زال فيه عاجزاً عن فهم لغة خلاياه العصبية وغير العصبية حيث تحافظ الأولى ( العصبية ) على عددها ( 14 مليار خلية عند الإنسان : دماغه وجملة جهازه العصبي ) يكتمل عددها قبل الولادة بأربعة أشهر بدون أي تغيير أو نقص أو تكاثر P(*)P ، أما غير العصبية ، فتتغير وتنشطر، ويموت البدن كله بموتها كل عشر سنوات ، ليحل محله بدن جديد .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة لقمان ، الآية 11 .
(*) كتاب ( الطب محراب العلوم ) للدكتور خالص جلبي .