الشعر سلاح إعلامي قوي في المعركة :

        كما في معركة هوازن هذه ، وكما في غيرها من المعارك ، وكذلك على مستوى الدعوة إلى الله عزَّ وجل ، كـان الشعر له الدور الفعـال في شتى مجالات

التأثير الفكري والعاطفي ، ولا سيما الشعر الإسلامي الإيماني الصادق ، الذي كانت تخفق معه القلوب وتتوهج به النفوس ، كما تخفق رايات التوحيد فوق رؤوس المجاهدين الأبطال ، وكما تتوهج بالصدق سيوف الله المؤمنة .

        ومحاولة للإحاطة بالمعاني التي كانت لواقعة حُنين ، من الخارج ومن الداخل، يحسن بنا أن نذكر بعض الأشعار التي قيلت فيها آنذاك من شعراء كبار شهدوها ، وجاهدوا ، مع المسلمين ، تحت رايات لا إله إلاَّ الله ، إلى جانب سيد المجاهدين محمّد (ص) ، ولا سيما ذلك الشاعر الفذ ، الذي وفقه الله سبحانه وأطلق لسانه أكثـر من غيره في هذه المعركة ، والذي هو عباس بن مرداس السلمي .

        وبما أن قصائد هذا الشاعر البطل ، تكاد تشكل ديواناً كاملاً ، لذلك نجتزىء منها بإذنه تعالى ، ما تبدو فائدته أوضح وأيسر إلى قرَّاء العربية المعاصرين . فمن قصيدة لابن مرداس اخترنا قوله(1) :

        وفي هوازن قوم غير أن  بـهم   داء اليماني  فإن لم يغدروا خانوا

        فيهم أخ لو وفَوْا أو برَّ عهدهم        ولو نهكناهم بالطعن قـد لانوا

        أبلغ  هوازن أعلاها وأسفلهـا   مني رسالة نصـح فيه  تبيـان

        أني أظن رسـول الله  صابحكم  جيشاً له في فضاء  الله أركـان

        فيهم أخوكم سليم غيرتارككم  والمسلمون عبـاد الله غسـان

        وفي عضادته اليمنى بنو أسـد           والأجربان  بنو عبس وذبيان(2)

        تكاد ترجف منه الأرض رهبته         وفي  مقدَّمـه أوس وعثمـان

 

        قال ابن إسحاق : أوس وعثمان قبيلا مزينة .