الشمس ليست مركزاً للكون :

        من كل ما تقدم من الآيات الكريمة  ، نفهم بجلاء ، أن الشمس ليست مركزاً للكون ، وإنـّما هي مجرد نجم من ملايين النجوم ، التي لها في الفضاء الرحب إقبال وإدبار  . بينما  كان أهل الأرض ،  منذ القدم ، يعتقدون أن الشمس هي مركز الكون كلِّه ، وبقي هذا الاعتقاد سائداً ، حتى بعد القرن الخامس عشر الميلادي ، التاسع  الهجري ، وبعد كوبرنيكوس وكيبلر ، وغاليلو، وكذلك نيوتن ، بينما القرآن الكريم يقرّر عبر كل هذه الحقب من الزمان وبأوضح عبارات ، أنَّ الشموس كلها هي سراج في السماء الدنيا من السموات السبع . وهو ما يراه الإنسان العادي من الضوء في ليل سمائنا الدنيا هذه . قوله عزّ وجلّ :

       { أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا  وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا }(سورة نوح ، الآيات ( 15 ـ 16 )).

       كما قرّر أنها غير ثابتة في مكانها :

       { وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ }(سورة يس ،  الآية  38) .

       كما قرّر أن ما زاد عن السموات السبع والأرضين السبع هو الكرسي :

       { وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ …وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ }(سورة البقرة ، الآية 255) .

        وما زاد عن الكرسي هو ( العرش العظيـم ) و ( العرش المجيـد )  و ( العرش الكريـم )  .

        ولفهم تقريبي لنسبة  السموات والأرض إلى الكرسي ونسبة الكرسي إلى العرش ، نذكر هذا الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وآله  فعن الصادق عليه السلام ، قال ،  قال أبو ذر  : ” يا رسول الله ما أفضل ما أنزل عليك ؟ قال : آية الكرسي ، ما السموات السبع في الكرسي إلاَّ كحلقة ملقاة ، بأرض فلاة . ثم قـال : وإنَّ فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة ” .

        المهم أن الناس ـ مسلمين وغير مسلمين ـ ظلّوا هكذا ، منصرفين عن كتاب الله الكريم ، زاعمين أنَّ الشمس ثابتة في موقع واحـد من السماء  لا تبرحه ، حتى كان القرن الثامن عشر الميلادي ، فظهـر العالـم الفلكـي هاللي  Halley  1758 م  وهو صديق لنيوتن ، وصاحب نظرية المذنب المُسمّى باسمه ، وقرّر أن الشمس تغّير مكانها . وهنا بطل الإعتقاد بأن الشمس هي مركز الكون كلّه ولم تعد سوى مجرد نجم عادي  في مجرة درب التبّانة ، حيث يوجد شموس أصغر وأكبر منهـا بالملايين . وقـد كانـت هذه الحقيقـة   التي اكتشفها هاللي مقرّرة ـ كما رأينا ـ في القرآن الكريم  قبله بحوالي  إثني عشر قرنـاً.