العلم فرصة تعبدية

العلم فرصة تعبدّية  :

     لا ننسى أن مهمة العلم ـ كما يقول العلماء ـ  هي الفحص  والكشف عبر أسئلة :  ما هذا ؟  وكيف هذا ؟ وماذا ينتج عن ذلك ؟ ثم يقف العلماء خاشعين أمام قول الله عزّ وجل ّ :

       { هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ ..}P(1) P.

       أما ما يتبـادر للذهن من العمليات التي يُجْرِيها العلماءُ ، من جَمْعٍ  وَتَوْلِيدٍ ، وزرعٍ واستنبـاتٍ ، وفلقِ ذراتٍ … في الكيمياء والفيزياء وشتى الحقول ، فإنّها أيضاً بموجب نواميس إلـهِيَّةٍ ، موجودة في كتاب الله الكوني ، قبل الكشف عنها . وضعها  الله بعلمه وحكمته ، حتى يقيض لهذا  أو لذاك من عباده كشف أقنعتها في الأوقات المناسبة .

        على أن الإنسان عالماً كان أو متعلماً ، هو مسؤول حسب خطره  ودرجته أمام الله ، في تعامله مع علمه ونتائجه ، من حيث طاعته لله وفوائده للبشر ، أو إضراره بهم .

        والإنسان  ، إما أن يستقيم في تعامله مع العلم ، وإما  أن  يطغى ، وقـد

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1)      سورة لقمان  ،  الآية  11   .

 

نهاه الله عزّ وجلّ عن أن يطغى  .  قوله تعالى  :

       { وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ . أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ }P(1)P.

       وأثنى عليه إذا هو قرن علمه بالإيمان والعمل الصالح ، بقوله تعالى :

       { .. قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ .. }P(2)P.

        وقوله عزّ وجلّ  :

       { ..إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء .. }P(3)P.

       لذلك ، ولأن رسول الله  صلى الله عليه وآله  كان أعلم الناس بما علّمه الله سبحانه كان يقول  :

        ” أنا أشدّكم خشية من الله ”  .

        وهذه المسؤولية  الخطيرة ، لا تتوقف عند المشتغلين في المختبرات ـ والأنابيب ، متعاملين مع الكائنات الحيّة أو المواد الخطرة ، وإنما تشمل أيضاً وبنسبة عالية ، أولئك الباحثين والكتّاب والمنظرين ، في مختلف ميادين  الفكر ، ولا سيّما القادة السياسيون ، وقد وضع الله عزّ وجلّ لهم قواعد وضوابط ، إن هم تجاوزوها ، دخلوا  في الغواية وأصبحوا في عداد الطواغيت :

       { وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ }P(4) P.