القرآن يخبر عن حركة الشمس قبل ان يعرف ذلك البشر

القرآن يخبر عن حركة الشمس قبل أن يعرف ذلك بشر:

        بعد كوبرنيكوس ، أذن الله عزّ وجلّ  ، بخطوات جبارة ، قطعـها علم الفلك . كذلك سدّد فيها ثلاثة من العلماء  كيبلر  Kepler  ثم بعده غاليلو   Galileoثم بعده نيوتن الذي توفي حوالي 1727 م . وكان غاليلو أول من استعمل التلسكوب واكتشف أن الشمس تدور حول نفسها كما تدور الأرض ، وكما تدور بقية الكواكب . هذا  والقرآن المجيد يعلن  هذه الحقيقة ، طيلة  حوالي إثني عشرَ قرناً ، قبل هذا الكشف .

        فإذن  أقفل الله تعالى على المسلمين أبواب العلم ، وفتح على الآخرين أبواب كل شيء. ويبدو أن الجميع اليوم  ، أصبحوا يستدعـون غضـب الله  المنتقم الجبّار . فباسم الدين  ، شيعةً تسفك دماء الشيعة ، وسنّةً تسفـك دماء السنّة . والسنّة والشيعة لبعضهما بالمرصاد الدموي ، أفلأجل هذا كان الإسلام وكان إرسال الله سبحانه لمحمّد صلى الله عليه وآله؟ ومثل ذلك فعل اليهود بأنفسهم وبالمسيحيين من قبل ، ومثل ذلك فعل المسيحيين  بأنفسهم في الحروب الدينية ، وما زالوا يفعلون بأنفسهم وبالآخرين .

        لذلك يعتبر معظم أهل الأرض ، في هذه الأيام  ، وخاصة أصحاب  الحضارة الزنديقة،  من مصاديق قول الله عزّ وجل ّ :

       { فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ . فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }(سورة الأنعام  ، الآيات  (44 ـ45 )) .

       معظمهم اليوم  مصاديق للقسم الأول ، لِمِهْلَةِ  ما قبل الأخذ بغتةً . وترقب الباقي أمر طبيعي ، فإن وعد الله حق . ثم بعض التأمّل في قوله سبحانه يجب أن يفزع الأعراب وأهل النفاق من أدعياء الإسلام . والإسلام في الحقيقة غدا غريباً بالنسبة إليهم ، وغدوا هم عنه غرباء :

       { قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ، أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ ، انظُرْ كَيـْفَ  نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ  }(سورة الأنعام ، الآية 65 ) .

        فهل أكثر من هذا الواقع  انطباقاً على الناس ، قصف من فوقهم  واهتزاز الأرض  بالدواهي من تحت أرجلهم  ، والآتي أعظم ، وإنهم تمزّقوا  شيعاً يذيق بعضهم  بأس بعض ، ويسفك بعضهم دماء بعض ، ويروّع بعضهم بعضاً أعراباً ومنافقين ، ومسلمين زائفين .  وأسوأ من ذلك كله ، اليهود والنصارى ، وبقية أهل الأرض  ما بين  القطبين .

        ألا وإن فرصة الجميع  ، جميع أهل الأرض ،  الفـرار إلى الله ، بالإسلام والقرآن  . وأمامهم قيامتان  : أرضية وكونية ، وليرتقب أعداء موسى  والمسيح ومحمّد  عليهم  السلام ، إنّا مرتقبون . أو فليطيعوا الله في أمره تعالى حيث قال :

       { وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ }(سورة أل عمران ، الآية  133) .

       {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ . وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ }(سورة الزمر ،  الآيات ( 54 ـ 55 ) ) .

*  *  *

        ثم نعود  إلى حركة  الشمس والقمر والأرض وتتابع الليل والنهار ،  وعدم طغيان  الأكبر على الأصغر في ناموس التجاذب والمدارات ، متأملين قول الله تبارك وتعالى :

       { وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ . وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ . لَا  الشَّمْسُ  يَنبَغِـي لَهَا  أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ }( سورة يس ، الآيات ( 38 ـ 40 )).

        وهكذا نجد أن الله عزّ شأنه ، رفع ( غاليلو ) درجات عالية وغالية ، في سلّم الفلك ، الذي يبدو أنه غير متناهٍ في السموات السّبع وما بعدهنّ ، ثم علّم وهيّأ  سبحانه من يتابع عنه.  وحيث أن ( غاليلو )  ترك للعلماء  القانون  الذي يقول : ( إن حركة الجسم تستمر إلى ما لا نهاية ما لم يطرأ عليها ما يعدّلها أو يوقفها ) هذا القانون استوقف نيوتن ، وجعله يتساءل ، لماذا  لا تستمر حركة الكواكب في اتجاه مستقيم ، بدلاً من أن تدور حول الشمس  وكأنها مشدودة بحبل غير منظور ؟ وبفضل من الله على البشرية  وأيضاً لتعزيز  قرآنـه المجيد ، وزيادة في إلقـاء  الحجة على الماديين والطبيعيين ، ألقى التفاحة أمام نيوتن وألهمه أنها الجاذبية،  وأن ما يرفع السماوات ، ويربط الكواكب بالشمس إنّما هي عمد لا ترونها ، أي أنها قوى جذب توجد بين هذه الأجرام  ، وتشدّ بعضها إلى بعض دون أن يطغى فيها الأعظم  حجماً على ما دونه . وهي التي أسموها بلغتهم  Attractionأي التجاذب وهي صريحة في كتـاب الله المجيد :

       { اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى، يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ }(سورة الرعد ،  الآية 2) .

       وهكذا أتى تفسير هذه الآيات وبعض تأويلها بعد أكثر من ( 1200 ) سنة من إعلان القرآن لهذه الحقائق الكونية العجيبة . أفما يستحي الذين لم يسلموا بعد ، إلى الله إسلاماً كلياً،  ولم يذعنوا لقرآنه العظيم ، لا سيما عندما يقرأون فيما يقرأون ، هذه الآية ، التي  تدمغ الذين اتهموا محمّداً صلى الله عليه وآله بأنه افترى القرآن  وأتى به من عنده ومن عند أقوام آخرين بعدما تبيّن لهم من النواميس والدقائق العلميـة المذهلة التي أشرق  بها  القرآن على البشرية في وقت كانت فيه ظلاماً دامساً من الجهالة والأميّة العلمية :

       { أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ . بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِـن قَبْلِهِمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ}(سورة يس الآية 38-39) .

        العلم المعاصر ما زال في رقعة تحت سماء من سبع سموات ، وهذه السموات السبع في كرسي العرش كحلقة في فلاة ، والكرسي على شاسع اتساعه وشموله هو في العرش كحلقة في فلاة : هذه  مواد كونية ، للأدمغـة والأرقام والمراصد ويبقى كلام عن الملكوت واللاهوت والجبروت ، وهذا لغير النظر المادي ، ويبقى اللاّكلام .

        أما ما دمنا في الكلام ، فنعود إلى الفلك ، وبالتحديد إلى الشمس بين القرآن وبين الكشوف العلمية .