القيامة الأولى أو الصغرى

القيامة الأولى أو الصغرى :

       

        وأعني بها الحرب العالمية الثالثة ، التي نحن  والعالم بصددها . وقد  سميتهـا  ” القيامة  الأولى ”  مجازاً ، تشبيهاً بالقيامة الحقيقية ، التي هـي آتية بعدها ، حاملة معها وعد الله ووعيده النهائيين .

        فالحرب الآتية قيامة صغرى ، لأنها سيكون فيها من الأهوال علـى الكافريـن ، والندم والإبلاس من رحمة الله خطوب عظيمة . ولأنها ستدكّ جوانب من الكوكب الأرضي  هذا الذي نحن عليه ، ستدكّ دولاً بما فيها  من مدن وقرى وجبال راسيات . وتقتل ملايين الأحياء ، وفي مقدمتهم من البشر ، عبّاد الحضارة وعبيدها ، أسياداً وتابعين .

        والله عزّ وجلّ ، كما جعل للقيامة  الكبرى أشراطاً ونذر ، كذلك جعل أشراطاً  ونذر للقيامة الصغرى التي على الأبواب ، وذلك تنبيهاً للعالمين لكي يستعدوا ويكونوا دائماً على حذر ، ويفرّوا  إلى الله سبحانه ، حيث لا ملجأ ولا مأوى يؤويهم دونه . ومن أين الملاجيء  إذا أصبح حصيداً عمران دول حضارة الفحشاء وعماراتها . وهذه علامة : قوله تعالى :

        { .. حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَـتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }P(1) P.

       وفي ما يلي سنذكر من أشراط القيامتين التي يبدو أنها متداخلة والتي يبدو أنها  في عزّ هجمتها في عصرنا هذا وأيامنا هذه ، ولو كان لا يدرك هذا الأمر ولا يتنبه إليه إلاَّ بعض من لهم خصوصية من الله سبحانه .

        ولكي نوفر على أنفسنا الوقت ، لن نلتفت كثيراً إلى الوراء التاريخي  ، وإنما سنكتفي  بإشارات معاصرة وعلامات ، تفرض في كل عاقل أن يعتمدها استقراءً أو استنتاجاً . ليصل من خلالها إلى وجوب أن تقوم حرب عالمية ، شبه شاملة لأرقام المعادلة أو أطرافها أو أقطابها حتى أنه يكاد يكفي الاعتماد في الاستنتاج على ظواهر الأمور ، كما يفعل الصحافيون أو المراقبـون سياسيـون وعسكريون .

        وقد قلت  ( يكاد يكفي )  ولم أقل يكفي ، لأنه ليس بكـاف في الحقيقة إلاَّ علم من لدن الله تبارك وتعالى : اعتماداً على آياته ونواميسه ، وإخباره  لمن يشاء من خلقه  :

       { .. لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ.. }P(2) P.

       { وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ. يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ }P(3) P.

       والله سبحانه أذن بالإستنتاج والإعتماد نسبياً على الظواهر :

       { أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ .. }P(4) P.

 

 

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)      سورة يونس ،  الآية 24   .

(2)      سورة الروم ،  الآية 4  .

(3)      سورة الروم ،  الآيات ( 6 ـ 7 )   .

(4)      سورة الروم ،  الآية  9   .  

ففضلاً  عن الحربين الكبريين السابقتين وما قبلهما وما بينهما ، من الفسـاد الذي ملأ البر والبحر بما كسبت أيدي الناس . فأثمر الفساد والتنكّر لله ولدين الله ،  ولتعاليم الله ، هاتين الحربين . فصبّ الله على الفاسدين والمفسدين غضبه وانتقامه وعذابه .

كذلك جاء عصرنا هذا مليئاً بالمفارقات والمغالطات ، والظلم والجرائم على أعلى مستويات الدول ، بين إلحادٍ في جانب ، وفجورٍ في جوانب ، وأتباع لذاك في شتى الأقطار ،  مـمّا أنتج حالات سياسية شوهاء في بقاع الأرض ، أقضت وما زالت تقض مضجع مليارات البشر في القارات الخمس .