تحت هذه السماء
غابات وبحار ، ونجوم عملاقة ، وشموس بالمليارات ، ومجتمعات مدنية وقليل منها ما زال بدوياً وربما بدائياً . كل ذلك على هذه الأرض الكروية ـ بمقياس الكون ـ وتحت هذه السماء الرمادية واللازوردية حيناً والمجمَّلة بحلى النجوم وثريات الأنوار السبعة وربما السبعين حيناً آخر .
العجب العجاب في الغابات والبحار والفيافي والقفار ، أما الغرائب وعلامات الاستفهام الاستنكارية ، ففي المجتمعات الإنسانية ، المدنيـة بشكـل خاص .
كيف ؟
هذا ما تلقي عليه ضوءاً مخبرياً ، الآية الكريمة التي من كتاب الله المجيد ، قوله تبارك وتعالى :
{ وَكَأَيِّن مِن دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } . [ 60 : العنكبوت ] .
ففي الأرض دواب ، بين الأدق حجماً وتركيباً ، كالخلية الواحدة البرية البسيطة ، مروراً بالذر والنمل الدَّبَّاب والمجنح بجيوشه الجرارة ، وصعوداً حجماً حجماً إلى الأفاعي والنسور والحمائم والصقور ، إلى النمور قطاع الطرق ، فالدببة فالفيلة فقطعان وحيد القرن التي لا يكفي الواحد منها ليشبع ، وجبة قبيلة بشرية من أكلة اللحوم ، ومن ينسى الملوك ذوي اللبد ، الأسود واللبوءات وأشبالها الوردية .
هذه الفرق والطوائف مما ذكرنا ، ومما إذا شئنا أن نستوعبه من الأصناف وأوصافها لاقتضى من مجلدات مصورة ملونة بأزهى وأجمل الألـوان ، هذه القطعان الحيوانية ومجتمعاتها في غاباتها التي كانت عبر ملايين السنين تغطي أكثر من ثلثي اليابسة هذه الأفـواه والأشـداق بمختلـف أحجامهـا والتي هي بالمليارات . من أين تأتي بألوف الأطنان يومياً من اللحـوم والحبوب والنبات العَصِيِّ أو الطريِّ الطازج . علماً أنه على تعدد أصنافها وأجناسها وأمزجتها ، ليس فيها جنس يأكل جنسه ، فلا الأسد يأكل الأسد ، ولا الصقر يأكل صقراً ، ولا النمل يأكل نملاً . ومع ذلك يأتيها جميعاً رزقها قدر الحاجة ، وحسب شريعـة الغاب .