بســم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
ديباجة عن الشعر والشعراء
بسم الله وبالله ومن الله وإلى الله وفي سبيل الله ، ولا قوة ولا شاعرية ولا موهبة إلا من لدن الله تبارك وجلّ وعلا علواً كبيراً عن شياطين الشعر كاتبين ومستمعين .
ولماذا للشعر شياطين توحي كما هو شائع ، وليس للشعر ملائكته ؟ بلى للشعر ملائكة ، وفوقهم رب سميع ومجيب ، ولا حقّ ولا خير ولا جمال إلا من عنده ، وما كان ليس من عنده، لا هو حق ولا هو خير ولا هو جمال .
وليس الأمر تحكما ، في فرض نظرية أو اختراع قانون من خارج الطبيعة بل هو القانون الواقع القائم ، فالطبيعة خلقه وملكه ، وأنت إن كنت تأخذ منها ، مفكراً شاعراً شاكراً لخالقها ومالكها ، ومجّملها ومكثرها ومنميها ومثمرها ، ومصورها وملونها ، فهنيئاً لك وجمالا وعافية ، وعنده لك المزيد الأروع في الدارين ، وإن كنت تأخذ منها ، وتشعر وتستجمل وتحلق بجناحين أو بسبعة متوهماً استقلالك عنه سبحانه أو أنك من فلتات الزمان ، فأنت شاذ في هذه الطبيعة ، وتسرق من ملك الله ومن خلقه ، وكالضيف الثقيل يفرض نفسه وهو غير مرغوب فيه ، وحكم ذلك وجزاؤه في شريعة الله، مالك الملك وخالق الخلق ، تجده في كتبه السماوية ، إن كنت تقرأ .. لو كنت تقرأ ..
هلاّ سمعت أو تلوت أو تأملت قوله تعالى في الشعر والشعراء ، في هذه الآيات : (والشعراء يتّبعهم الغاوون . ألم تر أنهم في كل وادٍ يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون ) إلى هنا قد تلعن الشعر والشعراء ما داما هذه صفاتهم ، وهي أنهم ضالون مضلون ، كذابون ، يهيمون في الأودية بعيداً عن قمم الحق الوضيء .
إلا أن الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، استثنى شعراء الله في آيات متممة لتلك ، قوله سبحانه :
(.. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيراً وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أيَّ منقلب ينقلبون..) ولولا هذا الاستثناء لكنت قلت: “لو كان الشعر رجلاً لقتلته” اعتماداً على هجاء الله لشعراء الأودية وأتباعهم ، وقد سنوا لأنفسهم مقولة ” إن أعذب الشعر أكذبه ” و ” الفنّ للفن ” .
من أخبار الله عن عزته وعن الكون ، قوله تعالى :
( سبّح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم ) وماذا في السماوات والأرض يسبح لله وبحمد الله ؟ لو اجتمع الإنس والجن واتخذوا البحار مدادا ، وجردوا أقلامهم ومطابعهم الألكترونية الحديثة ، والتي سيحدثونها فيما بعد ، ليحصوا ما في السماوات والأرض من أشياء وأشكال وألوان وأنوار وعجائب وروائع وجمال وأسرار ، لما استطاعوا ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا .
هذا الوجود اللامتناهي ، بكلياته وجزئياته ، وبأدق تفاصيله يسبح لله ، حامداً ، وذاكراً فضله ، وشاكراً كرمه ، وخاشعاً لعزته، ومادحاً لا كما يمدح الشعراء الفقراء إلى الله ، أمثالهم الفقراء إلى الله ، من ملوك وكبراء ، وطواغيت مال وظلمة . إنما الأشياء التي في السماوات والأرض ، إنما الوجود كله بتفاصيله المحكمة وتركيبه المحكم ، يثني على الله يمدحه لذاته ، يحبه لجماله وجلاله ، المجرات ، ما فوق المجرات ، الشموس بملياراتها ، السماوات بعلوها وعلو ما فيها مطأطئات ساجدات لعزة الله ، وجبروت الله ، وحلمه ورحمته وكرمه . إلا جناب الشعراء العاقين ، ولا أقول المعوقين ( ألم تر أنهم في كل واد يهيمون . وأنهم يقولون ما لا يفعلون ) كأنهم لم ترتعد بعد فرائصهم من قول الله عز وجل : ( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون . كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ).
الشعر في الحقيقة هبة تميز الشاعر تمييزاً شديداً في أحاسيسه وشعوره المرهف، وإدراكه السريع لعمق المعاني في اللغة ، وفي مكامن الجمال في الوجود . فالشاعر فيلسوف جمال وحب ، لا يدانيه في ذلك أي ذي هبة أخرى من هبات الله التي وزعها توزيعاً – اقتضته حكمته وعدالته في خلقه .
وشدة التميز في شاعرية الشاعر ، هي مرهونة بتلك الأصالة التي هي في أصل الخلقة ،أي أصل الفطرة التي فطر الله الناس عليها ، ففطر الشعراء من بين بقية خلقه ، إضافة إلى ما ذكرنا ، على موازين موسيقية مرهفة الحساسية، يدرك معها الشاعر ، وبدون تفكر ، ولو أدنى إخلال في الإيقاع الشعري. طبعاً ، ونحن نتكلم هنا ، وبالضرورة ، عن الشعرالموزون المقفّى ، المعروف بأصالته في لغة العرب وتاريخها ، على أنه أعظم وأجمل وأهم تراث بعد القرآن الكريم ، ولو أن القرآن الكريم لا تجوز به المقارنة إلا مجازاً ، حيث أنه كلام رب العالمين الذي لا يدانيه كلام في الكون في شرفه وأسراره وعمق مراميه ، ووجوب التقرب به إلى الله سبحانه ، إما تعبداً وحباً ، وإما طلبا للنجاة .
فبالنسبة للشعر ، إن أي كلام لا يكون مطبوعاً بالأصالة التي ذكرنا، يعني خلواً من الموازين الفطرية والإيقاع المموسق ، سواء في وحدة القصيدة العمودية ، أو الشعر المتحرر من العمود ، فهو كلام دخيل ومتطفل على الشعر الذي هو موهبة لا تقلّد ولا تحاكى ، حتى أنها يستحيل تعلّمها ، مهما بذل غير الشاعر الأصيل ، من جهد ، ومهما حفظ وأتقن من بحور الشعر ، التي وضعها الخليل بن أحمد الفراهيدي كأصداء للشعر العربي ، الذي هو هبة الله سبحانه للعرب ، على أنه فنّهم الأول والأجمل بين الفنون ، وعلى أنه سرّ من أسراره فيهم وفي عامة خلقه .
على أن أدعياء الشعر ذهبوا بعيداً جداً في التزييف والتشويه ، فأنت قد تأخذ في هذه الأيام أية صحيفة أو مجلة ، لتقرأ في صفحاتها الثقافية وتحت عنوان ” شعر ” كلاماً تقبل عليه بشغف على أنه شعر حقيقي ، فتجده ليس شعراً مزيفاً فحسب ، وإنما كلاماً عادياً ، ليس فيه أدنى حظ من الإيقاع أو الجرس الموسيقي . وإنما يميزونه عن بقية الكلام في المجلة أو الصحيفة ، بترتيبه كلمة فوق كلمة أو جملة فوق جملة ، يوهمون بذلك أنفسهم أولاً والقارىء ثانياً بأنه من الشعر المرسل المموسق .
قد يقال لماذا هذا الاهتمام المتزايد بشكل الشعر وبنيته ، والإصرار على ضرورة الإيقاع الموسيقي المنتظم فيه سواءً كان عمودياً أو مرسلاً متحرراً من العمود ، ما دام همنا هو مواضيع الشعر ومضامينه ؟
في الحقيقة ، إن حرصي هذا واهتمامي ، نابع من معاناتي وتعاملي مع الشعر ، مذ فتح الله لروحي أبواب أرضه وسمائه ، لأحلّق بالقلب والسمع والبصر ، على أجنحةٍ مما آتاني من لغة ومعانٍ ودواعي تأمل وتفكير ، وتبقى الروح الملهمة ، هي أول الشعر المتسامي وآخره .
لاحظت أن في الشعر الحقيقي ، يعني المموسق بالفطرة والإلهام ، مثل تيار كهربائي ، يحدث مع كل إيقاعٍ مويجة أو دفعة كهربية ، تتراوح بين نعومة خد الرضيع ، وبين الصدمة التي تجعل الجبان شجاعاً والضعيف قوياً ، والكافر مؤمناً ، وتقذف بالمنافقين والساقطين إلى الجحيم .
نعم هذا يفعله الشعر الأصيل ، الذي هو على صراط الله ، وبين يدي عزة الله ، يعني الذي يتعاطى مع الحق والخير والجمال الحقيقي، أخذاً وعطاءً ، وحمداً لرب الحق ورب الخير ورب الجمال ، يقول مع كل نغمة في تفعيلة ، ومع كل نغمة في رويّ ، وبين الحرف والحرف : اللهم منك وإليك .
هذا التيار الكهربائي بطاقاته المخزونة في الإيقاع الموسيقي والمعاني الخليقة بالشعر الحقيقي ، من النادر جداً أن يوجد فيما يسمونه شعراً نثريا أو الشعر المنثور . يسيئون بذلك إلى كرامة الأدب عامة ، إذ يقللون من قيمة النثر الجميل والأصيل ، الذي فيه روائع لا تحصى ، وذلك ، بدفعه لرفعه – بظنهم – إلى مقام الشعر الذي هو كما قلنا هبة من الله إلى من يشاء من عباده ، وصحيح أنها لا تعلّم ولا تدرس ، ولكنّ شأنها شأن هذا القلب ، فإما أن تكون لله ، فيباركها الله بملائكته وقبوله وحبه ، أو تكون لغير الله ، فتخبط خبط عشواء ، وتهيم في كل واد كما قال عنها سبحانه ، فيلعنها الله وملائكته ، ويسدّ عليها الطريق إلى أبواب اللطف والكشف والعروج إلى آفاق اللازورد ، فتنحدر إلى حيث الإبلاس قوله سبحانه (.. ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون ..) . ويجعل لهم من الشياطين قرناء ، قوله تعالى : (ومن يَعْشُ عن ذكر الرحمن نُقيِّض له شيطاناً فهو له قرين ) .
لماذا السّوداوّية في الشعر
أنزل الله في الكتاب العزيز :
(وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنّت تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنّت عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم سورة التوبة آية 72 ) هذا وعد من الله حق ، ومن أصدق من الله قيلا ومن أصدق من الله حديثاً.
وعد يفتح أمام الناس آفاقاً ملونة بأبدع الألوان وأزهاها , مما يشرح الصدر ، ويبعث الشوق الآسر إلى إستنجاز هذا الوعد .
فلماذا يرحل شعراء اليأس والقنوط ، والأنفاق السوداء ، غير مقدّرين الثروة الرائعة التي يملكونها ، فلا هم يسعدون بها ، ولا يسعدون الأتباع ، أو عامة خلق الله . وعنيت بهذه الثروة ، موهبة الشعر .
هذه الأقانيم : الإيمان واليقين وعمل الصالحات ، هل تؤثر في الحياة الدنيا إيجابياً ، وتدفع سلبياتها؟! يقيناً، وإنما بالمفاهيم التي لا تقف فقط عند ظواهر الأمور والنشاطات والإنعكاسات لأصحاب القيم والمناقب ، بل تتعداها إلى بواطن المعاني ، أي إلى خلاف المظهر ، من مثل النصر المؤزر، قد يكون في استماتة شجاع يدافع عن الحق أو يجاهد في سبيل من سبل الله ، مسفوكاً دمه تحت الشمس أو الغيوم أو النجوم ، وعلى هذه فقس ما سواها، من سلوك أهل الإيمان وأولي الألباب ، وقد حسم الله سبحانه هذه الحقيقة ، حقيقـة أن السلوك الشخصي للإنسان من حيث إيجابية إيمانه أو سلبيته يقرر ، وبالتأكيد ، نوع حياته الدنيا إما في درجات الضوء والسعادة ، وإما في درجات العتمة المنتهية بأصحابها إلى الهاوية ، وما أدراك ماهِيَه ، قال تبارك وتعالى :
( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملآئكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون – نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدّعون . سورة فصلت آية 30 – 31 ) .
ويجب أن نلاحظ وباهتمام شديد بداية الآية الكريمة قوله عزت عزته : ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا .. ) وهذا يعني وبوضوح ، أن الذين يقولون ربنا الله ثم يعصونه ، يقولون ربنا الله ثم لا ينصرونه ، ونصره يكون بنصر دينه ، والجهاد في سبيله لتكون كلمته هي العليا ، الجهاد بالسيف والبندقية وكل سلاح شرعي والجهاد بالكلمة ، التي نوّه بها الله عز وجل تنويهاً عالياً يتجاوز شرف الدم المسفوك مرة في سبيله ، إلى شرف الكلام الذي يستشهد كل يوم في سبيله ، سبحانه وتعالى عما يشركون. عن مثل هذا الكلام قال سبحانه مقسمـــاً من مقام عزته :
( نّ والقلم وما يسطرون..) وقال تبارك وتعالى : ( إقرأ وربك الأكرم. الذي علّم بالقلم . علّم الإنسان ما لم يعلم ).
فإذاً لا يكفي الإيمان بالله عزت عظمته ، إذا كان المؤمن غير مستقيم في سلوكه ، وحيث أن الاستقامة تستدعي الإضاءات الملائكية في الإنسان ، وكذلك صحبة الملائكة في نفسه وبيته ومتعلقاته ، وكل ذلك بأمر الله تعالى ورحمته ونعمته ، فإن عدم الاستقامة ، أو الإخلال بها ، يخسّـره هذه العناية والرعاية واللطف من الله تعالى في الحياة الدنيا ، خسارة نسبية ، يفندها لنا قوله تبارك وتعالى : ( ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ) طبعا في الدنيا والآخرة مع لزوم الفارق النّوعي بين الدارين ، ثم الفارق بين حياة الإنقطاع والحياة الأبدية الخالدة : إما في ألوان الجمال للعين والقلب وما يشتهون ، وإما في استمرارية الدواهي السود ، من داكن إلى أدكن ، فلماذا السوداوية ؟ وقد ( وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيما . سورة الفتح آية 29 ) .
قد يضحك في عبه فاجر أو ماجن ، يقول ، أو يقال عنه : هذا ليس سوداوياً ، وإنما شعره وحياته أنس ولعب ولهو وانشراح ، وإيمان ولا استقامة ، أو لا إيمان ولا استقامة .
هؤلاء لم يفوتوا الله من حكمته ومن عدالته ورصده سبحانه ، أنزل فيهم ما يجب أن يخيف من طول السلامة على عدم إيمان وعدم تقوى ، أو مع إيمان وعدم استقامة : ( قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة فسيعلمون من هو شرّ مكاناً وأضعف جندا . سورة مريم آية 75 ) .
فقوله تعالى: ( إما العذاب وإما الساعة ) يعني تقدم العذاب على يوم القيامة ، ويعني أنه العذاب في الحياة الدنيا لمن يشاء سبحانه أو تأخيره إلى يوم القيامة وما بعد القيامه. ونحن لو استعرضنا بعض حيوات أهل الفكر وأهل الشعر ونهاياتهم في الحياة الدنيا ، لوجدنا عجبا ، بين مفجوعٍ بحبيب ، ثم تتكرر فجيعته من أكثر من جانب وبين مفجوعٍ في نفسه ، وبين مفجوعٍ في بدنه ، وكلهم تتوالى عليهم التحذيرات أن فيئوا إلى ربكم ، فإنه تواب رحيم ، والقليل القليل منهم من يرجع ليرتفع على أجنحة الآية الكريمة: ( يا أيتها النفس المطمئنة إرجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي )
هذه لمحات عن الذين يبتلون بمحاولة الإستقلال الأرعن ، عن الله سبحانه ، وهذا مستحيل، إذ لا خروج من سلطان الله في أرضه أو سمائه . وفي حالتي الإنسان المتناقضتين: الإيمان وعمل الصالحات ، مقابل الكفر أو الشرك أو النفاق ، نجد أن الله سبحانه يتولى الحالة الأولى برعايته وعنايته، ورحمته وحبه ، ويرصد الحالة الثانية بين التحذير والإنذار ، فإن كانت التوبة ، وإلا فالعقوبات ، ولا يبالي بالمستهتر الراكب رأسه في أي واد هلك ، قوله تعالى : ( ذلك بأن الله مولى الذين أمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم )، وقوله عز وعلا : ( وهل يُهلك إلا القوم الفاسقون ) وذلك ما يسمى بالعمر المخروم .
وقد ذمّ الله سبحانه أتباع الشعراء الذين اخترعوا لأنفسهم ديناً أو أدياناً غير دين الله ، فحللوا ما حرّم ، ونقضوا ما علّم ، وأباحوا لأنفسهم هتك ما أمر بستره ، وتجرأوا علـى حرماته ، ومع ذلك اتبعهم غواة من الناس رغم فسوق شعرهم أو زندقته أو لا أخلاقيته ، وذلك قول الله فيهم في أول آية الشعراء ( والشعراء يتبعهم الغاوون ..) والغاوون أي الضالون المنحرفون الذين لا يبالون لا بشرف التقوى ولا بعزة الإستقامة ، ولا بسمو الـروح وتعاليها عن سفساف اللهو واللعب ، والخسف الأخلاقي عند الرجال والنساء . وهنيئاً لمن رحم ربك فكان من الناجين . على أنّ الأمر لا يحتاج كثير جهد للإستقامة ، فيكفي استذكار أي تعليم أخلاقي ، أو تربوي ، من هذا القرآن العظيم ، ليتم الرجوع عن صراط الجحيم إلى صراط الله المستقيم . وهذه واحدة من كرائم القرآن المجيد ، قوله تعالى :
( فاصبر إنّ وعد الله حق ولا يستخفنّك الذين لا يوقنون ) ولو كان هذا القرآن لا يتعظ به إلا من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، يعني إلا من كان من أولي الألباب .