شموس بعيدة عن كوكبنا الأرض ملايين السنين

شموس بعيدة عن كوكبنا الأرض ملايين السنين :

========================

          الأبعاد التي بين النجوم  أو الشموس كبيرة جداً إلى حد عندما نعبِّر عنها بالأميال أو الكيلومترات ، فينبغي أن نظل نردِّد ملايين  الملايين  أو المليارات . ولذلك وحتى لا يدوخ  العلماء بهذه الأرقام أخذوا يقيسون المسافات والأبعاد بالسنين الضوئية . ومع ذلك ظلوا واقعين تحت وطأة الأرقام المليونية .

          والقياس بالضوء ، يختصر المقاييس العادية اختصاراً شديداً . فالسنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء في سنة واحدة من سنيِّ الأرض . علماً بأن الضوء يقطع في الثانية الواحدة مسافة ( …،..3 كلم ) أو ( …، 186 ميل ) . بحيث تتمخض السنة الضوئية عن رقم خيالي من الأميال هو في الحقيقة ست ملايين ملايين ميل أو حوالي عشر ملايين ملايين كيلومتر . ويمكن باستخدام  المراصد المتقدمة الحديثة التعرف على نجوم أو شموس تقع على بعد آلاف ملايين  السنين الضوئية .

          وكما هو معلوم ،  شمسنا هي أقرب النجوم إلى الأرض . ورغم  ذلك فإن ضوءَها  يستغرق ۵،۸ دقائق ونصف حتى يصل إلينا . وخارج مجموعتنا  الشمسية  يسمى أقرب النجوم إلينا قنطورس ، وهو على بعد ٤،۵ سنوات ضوئية منا .  ولو تخيلنا أننا نستطيع السفر  بسرعة الضوء  وأقلعنا وعمرنا عشر سنوات  فلن نصل إلى ذلك النجم الجميل المسمى الدبران  قبل أن نبلغ الثامنة والسبعين  من العمر . وبعض النجوم التي يمكن  أن تراها بعينك المجردة  تقع على بعد آلاف السنين الضوئية . وعلى ذلك ،  وبغض النظر عن السرعة التي تنطلق بها ، فإنك لن تستطيع  أن تصل  إليها في حياتك .

          ومن الأهمية بمكان ، أن نقدر ما تعنيه هذه الأزمنة والمسافات  بالنسبة إلى مواقع النجوم . فنحن نعلم أن مواقع النجوم  تتغير طوال الوقت .  وأن النجوم تتحرك بالنسبة لبعضها البعض . ولكن كيف نستطيع الحكم  على موقع أي نجم ؟ هل عن طريق النظر إليه ؟ كلا . لأن ضوءَه الذي نراه إنما استغرق زمناً طويلاً حتى وصل إلينا . وخلال ذلك الوقت تحرك النجم وغيَّر موضعه  .  ولذلك فمن اللازم أن نحسب السرعة التي يتحرك بها ، ومن ثم نعود بموضع النجم إلى مكانه الحقيقي . وعلى ذلك يتبين لنا أن لكل نجم موضعين هما : الموضع الذي نراه فيه . ثم الموضع الذي يشغله حقيقة . فعندما ننظر إلى أكثر النجوم بعداً عنا في الفضاء ، نراها على الحالة التي كانت عليها خلال آماد سبقت بكثير تكامل تكوين الأرض . ( وليس خلقها ) .

          ولنحاول أن نتخيل صورة مبسطة للسماء الدنيا بمصابيحها . فأصغر  ما فيها من أشياء هي تلك الشهب ، والنيازك ، والمذنبات ، والقمر ، ثم الكواكب السيارة ( مثل الأرض والزهرة وعطارد )  وهذه الأشياء  تلف وتدور  حول نجم مركزي ( مثل الشمس في حالتنا ) . ويبدو  أنه من اللازم ، أن يتبع كلَّ نجم كواكب سيارة ، وإنما هذه الكواكب لا ترى بالمراصد إلا بصعوبة كبيرة ، لأنها لا تشع الضوء ذاتياً . إلا أن بعض العلماء ، اكتشفوا وفي السنة 1999 كواكب سيارة  تدور حول نجومها أو حول شموسها خارج مجموعتنا الشمسية .

          ومعلوم أن النجوم ، تكون مع بعضهـا البعض ، مجموعات كبرى تسمى المجرات ، بينما تدخل كل المجرات معاًفي بناء السماء الدنيا .

 

الشموس أنواع عديدة :

==================================

          قبل أن نتحدث عن أنواع الشموس  أو النجوم ، ينبغي أن نذكر شرطاً عظيماً  من

أشراط الساعة ، وهو في قوله تعالى :

{ فَإِذَا بَـرِقَ الْبَصَرُ . وَخَسَـفَ الْقَمَرُ . وَجُمِـعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ .  سورة القيامة الآيات

( ۷ ـ ۹ ) } والشرط الذي أعنيه بين هذه الثلاث شروط هو قوله سبحانه : { وَجُمِـعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ }  إذ المعلوم من القرآن الكريم أنهما لن يجتمعا ، لقوله تعالى : { لاَ الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلاَ اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ . سورة يس الآية 40 } .

          فالقصد إذن من قوله تعالى : { وَجُمِـعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَر} هو جمعهما أو جمع كل ٍ منهما جمعاً لغوياً ، وذلك بعد إفراد كل ٍمنهما قبل الكشف العلمي الفلكي ، وهذا من إعجاز القرآن . فقبل هذا القرن العشريني ، كانت  لفظة الشمس أو القمر تعني شمسنا وقمرنا  بالنسبة لأرضنا هذه الدنيا . أما وقد تبين أن في السماء شموس وأقمار ، فأصبح لزاماً علينا ، أن نفهـم أن كلمة الشمس إنما هي إسم علَم ٍ لشمسنا ، وهي إسم جنس لبقية الشموس ، وكذلك القمر بعدما اتضح أن هناك  كذلك أقمار عديدة لبعض الكواكب السيارة من أخوات كوكبنا هذا الذي بقمر واحد . وهذا الإيحاء اللغوي شائع في اللغة العربية  ، فكلمة الإنسان تعني ـ إذا أردت بها جميع أفراد الإنسان ـ  كما أنها تعني فرداً واحداً إذا أردت بها ذلك ، وكذلك كلمة صديق وعدو وآدم ، وسبأ وعاد وثمود .. ومثل ذلك شمس وقمر .

          ونتابع في آيته الكريمة المعجزة :{ وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ . } .

          فالنجوم أو الشموس ، يمكن أن تقسم إلى أنواع  مختلفة ، تبعاً لألوانها ودرجة حرارتها ، اللذين بدورهما كثيراً ما يتبعان أحجام الشموس . فالشمس  ، شمسنا ، عبارة عن نجم أصغر ( وهو أكثر أنواع النجوم شيوعاً) . وتبلغ درجة حرارة  هذا  الخليط  من النجوم  المتوسطة الحجم نحو …،6 درجة سنتيغراد . وثمة فصيلة أخرى من النجوم ، وهي فصيلة النجوم الحمراء . درجة حرارتها  أقـل  ( …,3 درجة سنتيغراد ) وغالباً ما تكون عظيمة الحجم ، ومن ثم يطلق عليها إسم  العمالقة الحمراء . وفي الطرف الآخر لمقياس الأحجام تأتي النجوم أو الشموس الزرقاء ، التي تميل إلى أن تكون أصغر حجماً وأكثر ارتفاعاً  فـي الحـرارة ( نحو …،15 درجة سنتيغراد أو أكثر ) .

          وكل الشموس تفصل بينها مسافات كبيرة جداً ، حتى إنه قد يمضي  زمن مثل ..5 بليون سنة ، قبل أن يصطدم نجم بنجم آخر ، ولكنها  مع ذلك ، فإنها  تكون جزءاً من مجرتنا ، التي بدورها ما هي إلا واحدة من بين مجرات هذه السماء  التي تقدر بالملايين .

          ونحن نقع ـ أي مجموعتنا الشمسية ـ على وجه التقريب ، على بعد …،.3 سنة ضوئية من مركز المجرة . ومن السهل أن نرى كيف تزداد كثافة النجوم  داخل المجرة بازدياد القرب من مركزها . والآن تصور أن عليك أن تنظر عبر المجرة إلى الجانب الآخر الأكثر بعداً ، عندها سوف ترى عدداً هائلاً من النجوم ، القريبة أو البعيدة ، وذلك في حزمة سعتها في مثل سمك المجرة .

          والآن أخرج في ليلة صافية ، وحاول أن تستعرض مجرتنا هذه . فإنك سترى الطريق اللبني كما سماها الإغريق .

          وأول من وصف حزمة الضوء العريضة التي تعرف باسم الطريق اللبني أو درب التبـانة هو ديموكريتس (  وهو نفس الإغريقي القديم الذي كان  أول من صاغ  النظرية الذرية )  وقد اقترح وذهب إلى أن الطريق اللبني إنما يتكون من عدد وفير من النجوم    ( أو الشموس )  بحيث لا يمكن لأحد أن يميز بينها .  ولقد أثبتت المناظير الفلكية  الحديثة صحة ما ذهب إليه .

 

{ إذا الشمس كوِّرت . سورة التكوير الآية الأولى } :

===================================================================

 

          وتلف المجرة بشموسها كلها وتدور حول نفسها بمعدل قدره 140 ميلاً في الثانية . وتستغرق ما يقرب من 230 مليون سنة لكي تتم  دورة كاملة . ولسوف يصيبك الدوار إذا أقدمت على التفكير في كل الاتجاهات التي تدور فيها وتلف في وقت واحد .

          وفي هذا العصر  يستطيع المرء باستخدام  المناظير الكبرى الفلكية القوية أن ينفذ ببصره من مجرتنا ليرى مجرات أخرى . ولتلك المجرات  مناظرها الرائعة فبعضها يشبه العجلات الكبرى  بينما يشبه بعضها الآخر  المغازل الجميلة .

{ إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ . وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ . }(*) :

=========================================================================  

          { إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ } و { وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ } أي فتحة الأوزون ، وأصبح  مفروغاً منها . وقد تلاها فتحات في أرجاء السماء ، كل فتحـة بمساحة قارة .

          يبقى قوله تعالى : { وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ } .

          فقد اكتشف علماء الفلك أن الكواكب لا حصر لها وهي تتناثر بسرعة خارقة متباعدة عن بعضها البعض . ولو أنك لاحظت ضوء الشمس الذي يدخل غرفتك من الشباك ، فسترى أن هناك ذرات كثيرة من الغبار متناثرة في الهواء . فلو استطعت أن تتخيل هذا في شكل أعظم ،  لأمكنك أن تحظى من الفهم بشيء عن السيارات والكواكب في الكون  ، مع الفرق الهائل  المتمثل في أن ذرات الغبار  تتناثر ويتصادم  بعضها مع بعض . ولكن الكواكب مع كثرتها يواصل كل واحد منها سفره على بعد عظيم يفصله عن الكواكب الأخرى . ومثلها مثل بواخر عديدة تسير في أعالي البحار متباعدة  ،  حتى أن إحداها لا تعرف شيئاً عن الأخرى .

          وكذلك في قوله تعالى :

{ وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ . سورة التكوير الآية 2 }

          الإنكدار في اللغة هو السقوط ، يقال انكدر الطائر إذا أصيب جناحه أو جرح فيجنح أو يسقط .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*)        سورة الإنفطار الآيات ( ۱ ـ ۲ ) .

ومعلوم بالنسبة للسماء أنها كرة محيطة بنا ، وأن الناس هم المخاطبون بلغة القرآن  إضافة إلى معشر الجن . وبما أن الناس منتشرون  حول كوكب الأرض وهو كروي أيضاً فإن أي ذهاب في السماء إلى أية جهة من جهاتها هو سقوط  بالضرورة بالنسبة لقسم من الناس . مثال ذلك : الصاروخ  المنطلق صعداً من القطب الشمالي في الأرض  ، هو في حالة  سقوط بالنسبة  للذين هم في منطقة القطب الجنوبي .. وهكذا ..

          ومن بين الحقائق الهامة جداً المتعلقة بالمجرات أنها كلما ازداد بعدها عنا ، كلما تراءى لنا  أنها منطلقة بسرعات أكبر . وفي الواقع  نجد أن المجرات الأكثر بعداً  عنا  إنما تتحرك بسرعات  تبلغ من الكبر الحد الذي يصل بها إلى سرعة الضوء ، بحيث لا نستطيع أن نراه  قط . ويطلق العلماء على تلك المجرات اسم : ( حدود الكون المرئي ) .  وهي تسمية لطيفة  تعترف ببساطة بعجزهم عن معرفة حدود هذه السماء  ..  الدنيا .