من هم حزب الله  ؟

من هم حزب الله  ؟

        ما دمنا بين يدي الآيتين  الكريمتين : { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ … }  إلى قوله تعالى

في الآية الثانية : { وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ } . فحزب الله على هذا الأساس ،هم الذين يتولون { اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ } حسب الآية الكريمة .

        أما حقيقة  الولاء ، ومفهومه ، وكيفيته بداية ونهاية ، فأمور تكلمنا فيها آنفاً ، ولله الحمد . وعرفنا من خلال ذلك كله ،  ما ينبغي أن يكون عليه المحازب لله جلّت عظمته ، من حيث الإعتقاد بوحدانيته ، والإعتصام بحبله ، والثبات على طاعته ، والجهاد في سبيله،والترقي في معراج عبادته ، تقرباً وحباً . وبقي أن نعرف في أي مكان وزمان نجد هؤلاء الذين هم حزب الله في الحقيقة . وبقيادة أي صنفٍ من أولياء الله ، وهل ينبغي أن يكون القياديون أحياءً أم أمواتاً ، حاضرين أم غائبين؟ ولعل هذه  هي الخطوط  العريضة ، التي إذا أوضحت معالمها ، يرتاح إليها كل مؤمن ، وينجو من كثير من حالات الإضطراب الفكري والحيرة والضياع ، فيما ينبغي أن يعمل ، ومع من ينبغي  أن يتعامل . وإلاَّ ضلَّ وغوى ، ووقع في محذور قوله عزّ شأنه :

       { أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِن دُونِي أَوْلِيَاء إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا . قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا . الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنـُونَ صُنْـعًا } . [ ( 102 ـ 104 ) : الكهف  ]  .

        أما في أي مكان وزمان ، كان ويكون حزب الله المعنيون في الآية الكريمة ؟ والكلام فيها موجّه للعقلاء  من أهل الأرض ، فالكوكب الأرضي هذا الذي نحن عليه ، هو كله مكان حزب الله المنوّه عنه ، وأما الزمان ، فمنذ وجود الناس والوحي والرسالات السماوية .

        فمضمون الآيتين الكريمتين ، له إنطباقان ، عام ،وخاص، أما الإنطباق العام فيستقطب كل عهد من عهود البشرية كان فيه رسول وناس ومؤمنون . فتخاطب الآيـة النـاس بمعنـى قولـه { بآيات أخر سابقات } أو بنفس قوله هذا سبحانه  : { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ } ثم قوله سبحانه وتعالى:{وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ } . وهكذا  تبقى الولاية ، بحقيقتها وأصالتها ، وتستمر عبر العصور والعهود والأنبياء والرسل والأئمة أبدية سرمدية لله وحده،وحده وحده. وأما الإنطباق الخاص ، فهو عصر  نزول الآية الكريمة والمعنيِّين  بها في هذا العصر ، وإلى قيام الساعة .وكذلك تبقى الولاية بحقيقتها وأصالتها وتستمرعبر السنين والأولياء والأسماء ، والمنتظرين  وغير المنتظرين من الصالحين أبدية سرمدية لله وحده،وحده وحده . فهو وحده الحي القيوم ، وهو وحده السميع البصير ، وهو وحده على كل شيء قدير .

        ويساعد على فهم مضمون هذا التوجه قوله تبارك وتعالى :

       { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ } . [ 14 : الصف ] .

        وأقواله في التاريخ والحاضر والمستقبل ، وهذا القرآن الكريم حوى هذه العناوين الثلاثة ومضامينها  ، مركزاً على هدف واحد هو :

عبادة الله وحده