نفسا البدن والجهاز العصبي : تُعَاقبان وتُعَافيان :
وكما أن النفسَ المخيّرة الملهَمَة الباقية َ ، هي التي تسعد أو تشقى ، في الدنيا مؤقتاً ، وفي الآخرة مؤبداً ، كذلك ـ وإنما في الحياة الدنيا فقط ـ تعاقب نفس الجهاز العصبي (الدماغ ومتفرعاته ) بإلحاق أذى جزئي أو كلّي فيها أو آلام مختلفة ( كالشلل ومشتقاته مما قد يصيب الوجه من التواء ، وما شابه ، وكذلك ما يسميه الطب عندما يعجز عن تشخيص الداء ” عصبي ” لجهله هذه الحقائق ) .
وكذلك تُعاقب نفس البدن ، بإيقاع إصابة ، أو خلل ، في عضو أو أكثر من أعضائه ، بشكل دائم ، أو متكرر ، أو عارض .
من أسبـاب الإخلالات التي تسبب الأوجاع في مكان ما من البدن ، مثلاً ، ما يكون بهدف وقاية الإنسان أو على سبيل تعليمه . حيث ينبّه الإنسان بوجع ما ، فإذا لجأ لأيّ شيء من دون الله ، معتبراً هذا الشيء كافياً لشفائه ، وقع في الشرك ، وربما فيما لا تحمد عقباه من الوجع . كذلك إذا وقع في رَوْعِه مثلاً أن سبب هذا الوجع أو هذا الخلـل برد أو حر أو ما شابه من الأسبـاب ، معتقداً أنهـا منقطعة عن مسبب الأسباب الذي هو الله سبحانـه ، وقع كذلك في الشرك وفيما لا تحمد عقباه من مشاكل المرض الذي يبدأ ابتلاء ويصبح مع الشرك أو الكفر ، حقيقة .
وقد يصاب الإنسان بوجع ما ، للتذكير بتقصير ما ، كنسيان فريضة ، أو تكليف بمستوى الفريضة . أو الإخلال بفريضة ما أو تكليف ما ، كعدم قراءة القرآن ، أو عدم قراءة الدعاء ، أو كقـراءة القرآن وعدم تدبـر معانيه ، وهكـذا …
أما الثواب فنقيض كل الذي ذكرنا من العقوبات لكلا النفسين العصبية والبدنية ، الثواب بالعافية ، التي معها السعادة وإشراقة هاتين النفسين انسجاماً مع الثالثة الأصيلة ، تسامياً واقتراباً هنيئاً من رضاه ، ثم رضوانه سبحانه عز شأنه وتبارك وتعالى ، وذلك كذلك ، إما بشكل عارض أو متكرر أو دائم .
وفي هذا المجال كذلك ، مجال الثواب ، قد تحصل في بعض الحالات إفرازات مختلفة من البدن ، عن طريق الأنف أو الفم أو العين أو الأذن أو الجلد ، أو أي مكان آخر ، فإنما يكون ذلك استكمالاً لتطهير البدن وتنقيته من كل شائبة . هذا مع الإيمان والتوحيد ، أما مع خلاف ذلك ، فأعراض المرض أو ديمومته .