هل العلاج مشروع ؟
أما بخصوص الطب ، فهو إما وقائي وإما علاجي ، وكلاهما مشروع ، وإنما الوقاية أشرف من العلاج .
ثم إن العلاج درجات أو حالات ، فهو صحيح أنه غالباً ـ وليس دائماً ـ يسكّن وجعاً ، أو يبرىء مرضاً ، أو يصلح خللاً ، على المستويين النفسيين : البدني والعصبي ، ولكنه مع كل فائدة ، يفوّت مقابلها مصلحة أفضل منها . فمع العلاج الشافي : إذا كان الأمر عقوبة كتبت على صاحبها مؤجلة . وإذا كان تعليماً ، خسر العلم الأنفع والأسمى ، وإذا كان الوجع أو المرض تطهيراً وتزكية ، خسر درجة القرب من الرحمن الرحيم ، وهي الأفدح في حساب الخسائر ، وإذا كان تذكيراً بفريضة أو تكليف ، فاته الأجر ، وحلّ محله تراكم الآثام .
وعلى كل حال ، فإن العلاج في جميع حالاته وأشكاله ومستجداته ، مضافاً إليه جهد المريض ، والنفقات، وجهد الآخرين ، كل ذلك مقدّر أيضاً وهو بإذنه تعالى ، وقد تتداخل معه العقوبة ، ليقضي الله أمراً كان مفعولاً .
على أن هناك حالات كثيرة مفجعة ، قد تحصل عبر العلاج ، نادراً ما يصرّح بها . يعرف عنها الأطباء أكثر من المرضى ويكتمون .
ثم إن بعض الحالات قد يكون مقدراً لها الشفاء بدون علاج ، فإذا دفعها التسرّع إلى العلاج أصبحت بليّة .
وما أكثر ما يكتب فـي هـذه المواضيـع ، على أننـا للإختصـار ،
نضرب مثلاً، خبراً ، نقلته وكالات الإعلام ، لعل التأمل فيه ، يفي ببعض الجوانب مما نريد أن يحصل معه الإيمان بالله الواحد القهار . والخبر كما ورد في جريدة السفير 17 كانون الثاني 1990 هو: قام طبيب بلجيكي ببتر ساق سليمة لأحد الرجال ، بعد أن أخطأ في فهم توجيهات كبير الجراحين ببتر الساق ذات درجة الحرارة الأقل . وكانت حرارة الساق المريضة قد زادت بعد ان انحسرت إصابة ميكروبية بطريقة مفاجئة قبل إجراء العملية ليبادر الجراح ببتر الساق السليمة . وقد شفيت الساق المريضة تماماً بعد ذلك .