{ وإذا النُفُوْسُ زُوجَتْ }

        ثم إن لكل  إنسان  بالضرورة نفس فلكية نورانية ، ترمز إلى درجة  الإنسان ومقامه ، وهي قابلة وليست فاعلة ، بحيث  تنعكس عليها حالة  الإنسان  ، فهي جرمه الفلكي الذي تبعاً لسلوك صاحبه  ، إما أن ينكدر وينحرف وفي النهاية  يلزم أحدهما الآخر .  وإما أن يوقن فيصفو ويغدو نميـراً جوهره ، ثم هو وصاحبه يتلازمان ويغدوان كنجم متلألىء نوره ، يرسل ومعه سائق وشهيد ، في مسار مستقيم ، إلى سعادة أبدية ، حيث رضى الله ورضوانه ، بلى قوله تعالى :

       { وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ }(سورة التكوير  ، الآية 7) .

       هكذا كلمح بالبصر ، تصعد الأنفس الأرضية  الكلية ، منفصلة عن تلك النباتية المادية  ـ حيث بَعْدُ ، ستعود إلى مادتها الأصلية (*)  ـ

(*) { كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ } ( الأنبياء/104 ) . { هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً }  (الأنعام / 2 ) : فيما يسمى بجنة آدم النوع وهو أجل مشروط غير محدد . فَعَصى آدمُ ربَّه فأهبطه ، وبقية الآية : ”  وأجل مسمى عنده ” وهو الأجل المحدد المؤقت المتعلق بقيامة السماوات والأرض : { مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى } ( الأحقاف /3 )  .

وبثياب الشهرة والشكل الآدمي ، لتزوّج أنفسها الفلكية  . التي بها  ، إما أن تأتي يوماً عبوساً قمطريراً ، وتهوي شقية في سخط الله وجحيمه  . وإما بها تصعد وتسعـد وتطير مخلّـدة ، في رحمـة الله ونعيمـه ، ناجيـة من عبـوس ذلك اليـوم وعـذاب الأبد  :

 { فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا ، وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا ، مُتَّكِئِينَ فِيهَـا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا ، وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَّتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا ، وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا . قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا ، وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا ، عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا ، وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا ، وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا ، عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوآ أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا ، إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاء وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا }(سورة الإنسان  ، الآيات  11 ـ 22) .