{ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر }(1)
القرآن بين أصالة العربية والترجمة :
وبنعمة منه ورحمة للعالمين ، جعله عربياً ، أي واضحاً جلياً صافياً مشرقاً (2) ، إضافة لكونه باللسان العربي المتعارف بين لغات أهل الأرض . وهو سبحانه علَّم اللغات ، وهو تبارك وتعالى أدرى بالأفضل منها والأحسن والأسمى والأرقى . ففي حديـثٍ سئـل رسـول الله ( ص ) : أي المعـارف القـرآنية ذات شرف وفضيـلة أكثـر ؟ أجـاب ( ص ) : عربيتها ، وابحثوا عنها في الشعر . ومن هنا نفهم مدى إهتمام أمير المؤمنين علي عليه السلام بوضع قواعد النحو للغة العربية ، مكلِّفاً بذلك ذاك الألمعي ، أبا الأسود الدؤلي ، بوضع الأسس في علم النحو مُشْرفاً عليه السلام على عمله كلِّه ، موجِّهاً وموثِّقاً ، ومن هذا الأساس كان فيما بعد ، إعراب القرآن ، وتبعاً لذلك وضع حركات الإعراب ، وبعدها نقط الحروف المعجمة فيه ، وكل ذلك كان سبباً مهماً ، في قراءة وفهم القرآن الكريم خاصة ، وحفظ اللسان العربي عامة ، وذلك بفضل الله عز وجل وتدبيره وعنايته ورعايته .
ومن ثم يجب أن نوقن أن أيَّة ترجمة للقرآن الكريم ، لن تغني شيئاً عن الحق والحقيقة والأسرار ، والطاقات التي تحملها ( شيفرته) ورموزه وآياته ، ولا سيما ما يسمى بمفاتيح السور ، أو الأحرف النورانية ، أو المثاني كما سنعلم بعد قليل ، بإذنه تعالى في هذا البحث ، فهي قطعاً تخرج بالترجمة عن نورانيتها، ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- سورة القمر الآيات : 17 و 22 و 32 و 40 .
- أنظر كتابنا ( العقل الإسلامي ) .
كما تفارقها ، معانيها السرية وفاعلياتها . وتصبح كالجثة بلا روح ، أو كإنسان حي سوي بدلت أعضاؤه الرئيسة كالقلب والدماغ ، أو بدلت جوارحه الأصلية بأدوات اصطناعية ، بما يخرجه إخراجاً كبيراً عن خلقته السوية التي خلق بها .
وعلى هذه فقس ما سواها بالنسبة لبقية آيات القرآن الكريم التي شاءها الله هكذا محكمةً شكلاً ولفظاً وتركيباً ومعاني وباللغة العربية .