وهنا زبدة الكلام : الله أم سحر ساحر ؟ :

        إن السرَّ ، ليس هو في موسى ولا في سحرٍ ، معاذ الله . وهو سبحانه نصَّ على أن السحر كفر كما نص على أن الساحر لا يفلح حيث أتى ، وكلاهما ، الكفر والسحر ، لا يجوزان على موسى عليه السلام ، ولا يجيزهما الله سبحـانه عليه ، بعد إذ كان هو أمره بإلقاء العصا ، والله جعلها آيةً من آياته الكبرى . قال تبارك وتعالى : { وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ . وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّه خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } . [  102 ـ 103  : البقرة ] .

ولكي نرجع الأمور إلى مصدرها الحقيقي ، نذكِّر القارىء بأن كل همنا وهدفنا هو الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى عما يشركون . فنسهِّل عليه بذلك استخلاص العبر، وإرجاعها جميعاً إلى علم  الله ومشيئته وتقديره وقضائه ، حتى إذا قضى كان قضاؤه  الحتم الحسم الذي لا مردَّ له .