يدبِّر الأمر من السماء إلى الأرض ـ طبعاً ـ مروراً بأمريكا

يدبِّر الأمر من السماء إلى الأرض

ـ طبعاً ـ مروراً بأمريكا .

          في جملة ما يدبره الله تعالى من أعالي السماوات إلى جميع الكرات الأرضية على اختلاف أحجامها في الكون ، هذا الكوكب أو الكويكب الصغير ، الذي هو أرضنا ، وفيها القارات الست المعروفة ، وبينها البحار والمحيطات ، التي تشكل حوالي ثلثي مساحتها .

          ولن أتحـدث الآن عن تدبيره سبحانه لجملة هذا الكويكب ، ومن فوقه أبراج السماء ، والفلك الذي تعبت فيه أرقام وأدمغة الرياضيين والأجهزة العملاقة ، ولا عن تدبير الرزق وتأمين العدالة والحرية والكفاية ، لوحوش الغابات الهائلة ، والمحيطات البعيدة أغوارها ، والصحاري المترامية أطرافها ، ولا عن فتحات الأوزون ، أو انشقاقات السماء او انفطارها ، كما هو خبر القرآن ،  ولا عن الغيوم الحرارية ، التي  طفقت تذيب القارة الجليدية في القطب الجنوبي  ، لترفع منسوب البحار ، وتغرق أوروبا وصولاً إلى نيويورك وشواطىء الهند والصين ، ولا حتى عن البشر في القارات الأربع المتعبة ، التي تتلظَّى وتتكوَّى وتتلوَّى ، تحت جحيم وطغيان ووحشية إنسان القارة الخامسة أمريكا .

          إذن أريـد ،  بإذنه تبارك وتعالى ، أن أتحدث عن أمريكا .

          ولن أتحـدث عن كل أمريكا . فنصفها الجنوبي بائس فقير محكوم بغطرسة الشمال .

          أريد أن أتحدث عن هذه الأمريكا الغنية بالمال والقوَّة  الأخطبوطية ، والتي  إسمها الرسمي : الولايات المتحدة الأميركية . غير متعرض لتاريخها الأسود الدمويَّ ، حيث أن سكانها اليوم أتوا كباحثين عن الذهب ، فقط عن الذهب ، والبحث عن الذهب  يقتضي ولعاً بالدنيا دون الآخرة ، وبأساً إجرامياً ، لا يوقفه دين ولا إيمان ولا شيم ولا قيم ولا أخلاق . فذبحوا السكان  الأصليين ، الهنود الحمر ، وأقاموا مكانهم حضارتهم  الزنديقة . هذا هو أصل حكام أمريكا وشعوب أمريكا اليوم ، أي أنهم حَفَدَة أولئك المجرمين ، وكما في الحديث ” الأصل دسَّاس ”  أو العرق دسَّاس ” .

          أكتب الآن ، بُعيد تدمير برجي التجارة العالمية في نيويورك ، في 11 أيلول 2001 م ، ومع البرجين ، وفي نفس الوقت ، تدمير جانب من البنتاغون ـ مقر القيادة العسكرية الأميركية في واشنطن ، عاصمة أميركا .

          في هذه الأيام ، أي بعد تدمير هذه الرموز العملاقة  في أميركا . أعلنت أميركا الحرب . مستنفرة حلفها الأطلسي ببوارجه وغواصاته التي تملأ البحار ، وطائراته التي تغطي مساحات من السماء وبمخزونها ومخزون  انكلترا من الرعب النووي والبيولوجي والكيميائي . وكذلك مخزون روسيا ، وبقية الخزانات التدميرية في العالم ومعها خزان إسرائيل . لتشن بكل ذلك حرباً على من ؟!  ـ صدِّق أو لا تصدق  ـ . ولكن هذه هي الحقيقة ، لتشنَّ أو ليشنوا بذلك كله حرباً ضروساً على أضعف وأفقر وأبأس الدول في العالم .

          طبعاً ، امتلأت الصحف الحرة ، بالتنديد ، وما أقلها ، وشهرت الأقلام الحرة ، في وجه عمالقة الحرب هؤلاء ، مهاجمة ومتحدية ، ومناقشة ، ومستغربة . وفي كل سبيل حق يكتب مفكرون شجعان ، ويتكلم بعالي الصوت قادة وساسة أحرار ، في جميع أجهزة العالم ، وفي الشعوب الشريفة الحرة ، مظاهرات ، واحتجاجات ، وشهداء في الأنظمة القمعية ، وكل  ذلك . لم يزحزح أميركا عن عدوانيتها ، ولا عدوانية من تقودهم طوعاً أو كرهاً . بل زادت لتهدِّد دين الإسلام ، والعرب والمسلمين ، تحت كل كوكب ، ومعها أفعوانان عالميان : في الغرب إنكلترا وفي الشرق إسرائيل .