عبادة الله وحده

     وأن توهب له القلوب :{ مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ } ، والحب الأعظم :{وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ } ، وحياة الإنسان ما بين بدئه ونهايته : {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ }، وحقيقة الإنسان{وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }  .

        وفي التاريخ  : نوح عليه  السلام : {قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} .[الأعراف[

      وهود عليه السلام : {قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ} . [ 65 : الأعراف ] .

      وصالح عليه السلام :{قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ } . [ 73 : الأعراف ] .

     وشعيب عليه السلام :{قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ} . [ 85 : الأعراف ] .

        وموسى عليه السلام، وعيسى عليه السلام، ومن قبلهم ومن بعدهم ، أنبياء كثير ورسل ، يدعون ذات الدعوة إلى الله ، ودائماً نفس الهدف : عبادة الله وحده.حتى أرسل سبحانه محمداً عليه السلام ، خاتم النبيين ، وزوَّده بزاد يكفي لحاضر الناس ومستقبلهم إلى قيام الساعة، توجُّهاَ وتوجيهاً وتعليماً ،وتشريعاً وتنظيماً.في إشرافه سبحانه ورقابته،وتسديده وترشيده،وعقوباتـه وبلاءاته، وعطاءاته ورحماته :

       {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}.

[ 50 : المائدة ] .

       أليس الله بـ { أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ } . [ 45 : هود ] .

        الحاكم الشرعي فريضة على الأمة :

        إن آية : { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ … الآية } ، هي من أخصر الآيات وأغناها بالمعاني .

        هي آية للتعبد بأمر الله ، كما يريد الله ، تعبداً اجتماعياً وإجماعياً ، ينتهي بالولاء المطلق لله سبحانه .

        وهي آية  تستقطب أهل الأرض ، إن شاؤوا ، و{لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } . وإلاَّ فهي فريضة على الأمة إبتداءً ، إن صدَّقت بهاوصَدقَتْ،تحكم بالعدالة والرحمة أهل الملل،وتستغني بشريع شريعةالناس، والفرق بينهما كما هو الفرق بين النعيم والجحيم ، في الحياة الدنيا وفي الآخرة .

        هي فريضة على الأمة ، فإذن  هي تستقطب المؤمنين فرداً فرداً . وإذن هي فريضة ولاءٍ لله ولمن نصَّ عليهم سبحانه إلى قيام الساعة .

        أما لعصور الفراغ  ، ففيها وجهان  متداخلان متراكبان : نظام حكم ،  وشورى ، أي اختيار للحاكم . فنظام الحكم ينبغي أن يكون على سنّة الله التي سنَّها الرسول ( ص ) ، وذلك بفهم من قوله سبحانه : { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ … الآية } . وطريقة الإختيار هي الشورى ، التي تظهر المؤمنين المميزين ، ليختاروا بأية وسيلة شرعية أو عقلية ، أميراً للمؤمنين ، يكـون زعيماً أوحداً للأمة . وذلك في قوله سبحانه : { وَالَّذِينَ آمَنُواْ } بعد قوله : { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ } .

        وولي الله الذي يجب أن يختار للحكم ، يبرزه  الإختصاص في قوله سبحانه :

{ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ } . وذلك ليس قياساً ، وإنما حجة  وبرهان وبينة . فإلى قيام الساعة ، يبقي الله في الناس أولياء ظاهرين هم ورثة للرسول (ص) من جهة ، بما ترك من شريعة وتراث . وورثة لـ  {  الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ  } بما تركوا من نماذج للصدق الفذ ، مع الله ومع عباده من جهة ثانية  .

        أما الذين يتنكرون لهذا المنطق وهذا الإحتجاج ، فليست لديهم حجة  دامغة ولا بينة قاطعة ، إنما هم غالباً ما يتعصبون تعصباً ذميماً ، ويتبعون الظن كما قال  سبحانه وتعالى : { وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ } . [ 36 : يونس ] .

        فإذن ، الحكم الشرعي  للأمة ، ولأهل الأرض إن شاؤوا ، هو ولي الله الذي يختاره المؤمنون المميزون ،  في الأمة .  ولا بأس بتحديد هؤلاء إما انتخاباً  أو تعييناً فيما بينهم . وهؤلاء  هم جميعاً أولو الأمر الذين أمر الله سبحانـه بطاعتهم :  { وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ } . [ 59 : النساء ] . فالولاية  لولي الله  المنتخب  أو المعين  عن طريق الشورى استجابـةً لأمر الله تعالى ، هي ولاء لله عزّت  عظمتـه . وذلك إنطلاقـاً ، كما قـلنا آنفاً ، من آية : 

{  إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ … الآية } . فمن الذين آمنوا هؤلاء ، وفي كل عصر ، يتتابع أولياء الله الصالحون ، حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً .