بسم الله الرحمن الرحيم
العالم على أبواب الساعة
4/1/1425 هـ
قال الله تبارك وتعالى : في سورة فصلت الآية 5 : { وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ } ، وقد شدَّني سبحانه إليها شداً قوياً ملفتاً فآتاني من مؤشراتها ومضامينها ما يلي :
1) قوله تعالى : { وَقَالُوا } يعني بأعمالهم واعتقادهم السلبي وعامة سلوكهم : { قُلُوبُنَا فِي َأكِنَّةٍ } يعني واقع حال قلوبهم أنها مغلَّفة بأكنة جمع كن وهي أشبه بكيس صغير توضع فيه الأشياء ، أي أن قلوبهم مظلمة ، وأنَّ في آذانهم وقرٌ أي ثقل ، كما تقول فلان سمعه ثقيل ، وواقع حالهم أنهم لا يريدون أن يستمعوا إلى الحق ، ثم قوله تعالى : { وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ } أي أنهم أقاموا بيننا وبينهم سداً يفصلنا عنهم ويفصلهم عنا كيداً وأشراً وبطراً .
وهذا السدُّ هو إصرارهم على عدم فهم التوحيد وعلى عدم الإنقياد إلى الله تعالى وحده بدون شريك وبدون شركاء . ثم قوله تعالى بلسان حالهم : { فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ } فيه لؤم منهم وتحدِّ بدون أي مبرر، إلا أننا ندعوهم إلى صراط العزيز الحميد ، مؤكدين لهم دائماً ، أننا لا نريد منهم أجراً ، وأن أجرنا إنما هو على الله الحليم الكريم ، والعليِّ العظيم .
2) أن هذه المضامين الكاشفة ، إنما هي تصبغ أهل الأرض بصبغة الشرك والكفر والنفاق وادعاء الإيمان والتدين ، ظناً منهم أنهم يحسنون صنعا ، وقد مسحت هذه الصبغة أهل الأرض كافة ، إلاَّ من رحم ربك .
3) أن قومنا في بلادنا وفي بقية بلاد العالم ، وهم يمارسون ، ما يمارسون ، ما قلنا إنه شرط من أشراط الساعة ، قوله تعالى : { وَإِذَا الْمَودَةُ سُئِلَتْ ، بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ } ، وهذا لا يعني أن الله تعالى يحب هذا الشرط أو أي شرط آخر من الأشراط ـ بل أكثر من ذلك فإنه لا يحب هذه الأشراط ـ ولا سيما هذا الذي أراده الله عِزَّةً وفخراً و مجداً لمحبي الله ورسوله وآل بيت رسوله ( ص ) فحوَّلوه على المنابر عويلاً وبكاءً وعادات يمقتها الله ورسوله من مثل وضع الرؤوس بين الركب ولحى الرجال ومن يسمونهم علماء تكنس الأرض رياءً وذلة ومسكنة ، والمؤذِّن يؤذِّن عدة مرات كل يوم ويقدم للأذان بقول الله تعالى وجلَّ وعزَّ : { وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا } [ 111 : الإسراء ] فهذه الكلمة المعبرة في قوله جلَّت عظمته { وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ } تصفع هؤلاء المتذللين الباكين والباكيات والنائحين والنائحات واللاطمين الوجوه والرؤوس واللاطمات تصفعهم صفعاً عنيفاً بقوله هذا عزَّت عزَّته ، وتخبرهم بعلم من الله مباشرٍ أنهم عصاة لله ، وبالتالي أنهم مطرودين من ولايته . فكفى كفى رياءً وكفى جهلاً ، وكفى نفاقاً ، وكفى استقطاباً بغير الحق للناس الذين وصفهم الله سبحانه بقوله : { … لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ } [ 179 : الأعراف ] ، وعلى حساب الدعوة إلى الله ووحدانية الله وهم يحصرون الذكر بغيره … والتمجيد لغيره جلَّ جلاله . قال تعالى : { … أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } [ 28 : الرعد ] { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ } [ 152 : البقرة ] . فهم خالفوا الأمر وخالفوا النص ، وطفقوا يذكرون غير الله ليل نهار سواء كان في مناسبة الذكرى الحسينية الخالدة ـ التي كانت دعوة خالصة لوجه الله ـ من الحسين وصحبه عليهم السلام . ثم إنهم يلحُّون على ذكر غير الله في أي مناسبة ،كمناسبات وذكريات الموت ، حتى إنهم أخذوا يخترعون المناسبات إختراعاً حتى ينشغلوا طويلاً بذكر غير الله ، ويرفعون شعارات لغير الله ويطوقون هاماتهم كباراً وصغاراً بعصائب تجد عليها أسماءً لعباد الله الذين كانوا سجداً لله وركعاً لله وأذلة لله وفقراء إلى الله ، بلى تجد كل هذه الأسماء البشرية ولا تجد إسماً واحداً لله تبارك وتعالى ، الله الذي خلق هؤلاء الأئمة ورزقهم من فقر وقواهم من ضعف ونصرهم وهم أذلة على طواغيت عصورهم ، فقط لأنهم أطاعوه سبحانه وذكروه وحده واستعانوا به وحده واستغاثوا به واعتصموا به دون أحد غيره من خلقه ، سواء كان هذا الغير جناً أو إنساً أو ملائكةً أو أنبياء أو أئمة أو أولياء من أولياء الله .
4) إن هذا الواقع العالمي ، في أهل الكفر عامة ، والواقع الإسلامي ، الذي تخلى فيه المسلمون عن الله تبارك وتعالى وعن كنزهم العظيم كتاب الله المجيد . ثم واقع أقوامنا في هذه المناسبات الخاصة ، كل ذلك هو بالتأكيد ـ وأقول ذلك بإذن الله تعالى ـ كل ذلك مؤكداً هو من أشراط الساعة ، وهو سنة بعد سنة وشهراً بعد شهر ويوماً بعد يوم من مستدعيات غضب الله وسخطه وتفاقم غضبه سبحانه وسخطه .
5) غزو قريب ، وهو غزو ظالمين وكفار لبلادنا من الذين جعل الله منهم القردة والخنازير ولعنهم على لسان داود وموسى وعيسى ومحمّد ، عليهم السلام ، ولكن … إن كنت تريد نصراً من الله ، فانصره وحده دون شريك ، دون أي شريك ، أو شريكه ! … وإلاَّ فاقرأ النتيجة … بقراءة من جديدٍ هذه المقالة .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
# { وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ . أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ . إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ . لاَ جَرَمَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ } [ (20 ـ 23 ) : النحل ] .
# { وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْاْ مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْرًا لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ } [ 30 : النحل ] .
قالوا خيراً : قولهم كان خيراً .
في هذه الدنيا حسنة : معرفة الله .