الشيخ وابن الشيخ

الشيخ وابن الشيخ

 

شيخ يحدِّق في السماء ولا يريمْ

أبداً يتمتم بالدّعاءْ:

يا رب ما طعم النعيم

وما البقاء وما الفناءْ؟

          *****

الفجر أذّن أن يطل على الربوع

ويحي أظل مسهداً

تنتابني مِزَق الهواجسْ

كيف السبيل إلى الهجوع

ووخز برد الليل قارسْ

والعاصفات؟ أظن ليس جنونها

نَزَقٌ، ضجيجٌ، والظلام على الصدى

المجهول .. حارسْ

– لا يا أبي!

– أبُنيَّ أنت مسهَّدٌ أيضاً؟

– أجَلْ .. والجفن يابسْ ..

ليس الجنون من العواصف يا أبي

بل عصفُ هاتيكَ الجموعْ

من كل من في رأسه بنكٌ

وموبقةٌ له فيها شروعْ

ممن تساقي كلبها الويسكي

وإنسان على ضنك يجوعْ

ذاك احتفال في بناية جارنا

أوَ لم تر تلك الشموعْ

مغروسةً من قطعة الكاتو الكبيرةِ

في الضلوعْ

هو عيد سوسو يا أبي ولقد دعت كل الخنافسْ

زوزو، وفوفو، وزمرة الجكوار .. أبناء الموامس ..

من كل جاسوس قويّ الشم مثل الكلب حارسْ ..

أو كلّ ديّوثٍ ترقِّيه البغايا في المجالسْ ..

أو كلّ راقوصِ لواطيٍ رشيقِ القدِّ مائس،

أو كل كفّار وفجّار سلوقيّ الدسائسْ ..

وعشيقُ سوسو، يا أبي

أضحكتني:

ذاك الخفيف النجم، يخطف لونه إن قيل سر

في العتم يمشي كالجواري ناعماً والطرف ناعسْ

– ولدي كفى .. لأخاف أن تغدو بهذا القول آثمْ

قلْ: “إن بعد العسر يسْرا”

– آمنت يا أبتي فإني أوقظ الفجر على التسبيح قائمْ

آمنت إني مذ وعيتُ العمرَ صائمْ ..

وأقول صبرا ..

آمنت حقاً أن بعد العسر يسرا

– ورِثوهُ يا اْبني مالهم

ونظامهم شاؤوه حُرّا

جاؤوا على وَحَم الغنى

والترف جاء لهم ملازمْ

– كلاّ .. أبي هو مال كلّ الطاهرين وانت أدرى

هم ناحروا أخلاق مجتمع سقوه العهر خمرا

هم غاصبوه وسالبوه وعاصروا رئتيه عصرا

دفنوه حياً جاعلين له فسيح الأرض قبرا

إنا لنخجل من لقاء الله إن لم نثأرنَّ له .. فصبرا

          *****

– مثلما تبعثُ يا اْبني فيَّ معنى للحياةْ

وشباباً كالربيع الدافق الجاري بأعراق النباتْ

وبدا يُسخطني أن تسحرَ الناسَ تعاويذُ الحواةْ

وعلى العُطَّل والبُذَّل تسفى الثَّرَواتْ

بينما المستضعفُ الصامت يشقى بالفُتاتْ

– يا أبي إن كان عند الله مقبولَ الصلاةْ

هو من هاماتهم أقدسُ فليغوِ العُتاةْ

بعضُ أيامٍ لهم تمضي ويومٌ منه آتْ

فيصير الظلم قاعاً صفصفا

وقبابُ القصر تغدو متحفا

وجموعُ الناس تتلو المصحفا

فيرى في نورهِ من أرجفا

وترى مثل السيوف المبرقاتْ

أن للمؤمن حقاً في الحياةْ

وله تصفو الغيومُ الممطراتْ

وبه للارض تعطى البركاتْ

          *****