سراييفو

..ومَعْ دوَّامَةِ الغَـرَقِ

بِنَهْرِ أحمرٍ غَـدِقِ

تُطِـلُّ ذؤابَةٌ مِن رأسِكِ الريَّـانِ([1])

في الأشجَارِ ، في الأفُـقِ:

فأغصانٌ بِلا رَمَـقِ([2])

وأزهَارٌ ذبِيحَاتٌ مِنَ العُنُـقِ

و رَعْدٌ بَينَ رُعْبِ السَّمْعِ و الحَـدَقِ

ـ فَواغَوثَاهُ يا أُمَّـاهُ ..

ـ………….

لا أحدٌ .. سِوى تَرجِيعِ ذاكَ المَّائِجِ الزخَّـارِ

بِالفِــرقِ

ـ فواغَوثَاهُ يا جَـاراهْ..

ـ………….

لا جـارٌ

ألا حُـرٌّ لِسيفِ اللهِ في الأحرارِ

مُمْتَشِـقِ

ـ2ـ

فواغوثَاهُ يا اللهُ يا ربَّـاهُ

يا رَبَّ أزاهِيـرِي

و يا رَبَّ عصافِيـرِي

و يا رَبَّ بُنيَاتِـي

وعِرضِي بَاتَ مَهْتُوكَـاً

و وَحْشٌ نَاهِشٌ لَحْمِـي

و يَرمِي العَظـمَ

في عُمقِ دَياجِيـري([3])

أيـا رَبَّـاهُ

يا رَبَّ المَجَـرَّاتِ

و يا رَبَّ السَّمَـاواتِ

و رَبَّ الفُـلِّ و الزَنْبَـقِ

يا رَبَّـاهُ

يا رَبَّ الطواغِيتِ

و رَبَّ الصِّربِ و الأمْريكِ

و الغرْبِ الذي عَبَسَا

أيَـا رَبَّـاهُ

و الأمنِ الذي جَلَسَاْ

و مَبْنَى في نُيويوركِ على كثرةِ ما فِيهِ

مِنَ الأُمَـمِ

التِي في رأسِهَا الطاغـوتُ

 في الصَّنَمِ

و قَدْ خَنَسَاْ

و كُلُّ النَّاسِ ..

هذا النَّاسُ قَدْ خَنَسَاْ

 ـ3ـ

رُوَيـداً يا سراييفـو

لَئِنْ كُنتِ عَزَمتِ الصِّدقَ في قَولِـكِ :

يا رَبَّـاهُ دونَ الخَلقِ

فَامتَشقِـي

مِـنَ البَـرقِ

لَـهُ حُبَّـاً

فلا خَوفَ مَع التَوحِيدِ و الحُبِّ

و لا رُعْبَـاْ

ـ4ـ

رُوَيـداً يا سراييفـو

و دُونَكِ أشرَفَ الطُّـرُقِ

فقدْ أوتِيتِي أنْ تَرِثـي

مِنَ الدارَينِ ، خَيْرَهُمَـا

و تَنْعَتِـقِـي

ـ5ـ

رُوَيداً يـا سراييفـو

فلا مَلجَأ غيرُ اللهِ

فَانطَلِقِـي

مُهَاجِرةٌ مِنَ الأبدَانِ

و انْعَتِقِـي

و لا تَثِقِـي

بِغَيرِ القَادِرِ القَهَّـارِ

لا تَثِقِـي

و لَنْ تَجِـدِي

مُجِيراً دُونَهُ فِي الكَـونِ

مِـنْ أحَـدٍ

فإمَّا شاءَ ذو نَصْلٍ على حَربٍ[4]

على حَـرَدِ ([5])

و شاءَ مُسَبِّبُ الأسبَابِ نَجْدَتَـهُ

فحَتماً لَنْ تَقومَ لَـهُ

جِبَالُ المَكْرِ و النَّزَقِ

و لا حَربٌ و لاصِربٌ

و لاقُوَّادةُ الفِرَقِ

ـ6ـ

و في دوَّامَةِ الغَسَقِ

لَعَنْتُ اثنَينِ  مَخْزِيينِ

في دوَّامَةِ الغَسَقِ :

رَقِيقاً مِنْ بَنِي قَومِي

بَهِيماً هَمُّهُ العَلَفُ

و آخَرَ يَذْبَحُ التَّشْرِيعَ

لا دينٌ و لاشَرَفُ

ـ7ـ

أيا أُمَّ قُرى الإسلامِ

في البوسنةِ و الهِرْسِكْ

فَدَيتُـكِ يـا سراييفـو

و ما أملِكُ مِنْ أجلِـكِ

سوى رَمَقِـي

و صرخَاتِـي …

أصِيـحُ .. أصِيـحُ..

لمْ أيـأسْ

فإنَّ النَّورَ خَلْفَ غِيَابَـةِ الغَسَقِ

لو أنِّي يـا سراييفـو

لو أنِّي أُمَّةُ الإسلامِ

أطْلَقْتُـكِ مِـنْ أسرِكْ

و ما اسْطَاعَ طُغَـاةُ الصِّربِ

مِن جَرحِـكِ أو قَتْـلِكِ

لو أنَّ الأمَّـةَ القَعساءَ

تَسْتَلهِـمُ أو تُـدْرِكْ

ـ8ـ

لو أنِّي يـا سراييفـو

لو أنِّي أُمَّـةَ الإسلامِ

عِندِي القِبْـلَةُ العُظمَى

و قرآنٌ بِهِ يُنْقَـذُ

هذا العَالَـمُ الأعْمَى

وعِندِي في كِتابِ الله

أنِّي الفرقـةُ الأسمَى

لكُنْتُ حَكَمْتُ أهـلَ الأرضِ

بِالرحمَةِ و الحِكمَةِ و العـدلِ

و لَم يَجْـرُؤ أخُـو شِرْكٍ مِنَ الفِرَقِ

إذا ذُؤبَانُهُ لَعَقَتْ دَمَ امـرَأةٍ

على أنْ يَخْتَبِي في النَّجْـمِ

أو في العَتْمِ.. في نَفَـقِ

ـ9ـ

لو أنِّـي أُمَّـةَ الأسلامِ

ما زِلـتُ على عَهْـدِي

يُرِينِي اللهُ ما يُخْفِـي

مِنَ الدُنْيَا وما يُبْـدِي

نَثَـرْتُ أزَاهِـرَ العَبَـقِ

مكَانَ الحِقْدِ و الحُـرَقِ

على وَرَقِـي

و في أحدَاقِ أطفَالِـي

و كلِّ فؤادِ ذي عَهْـدٍ

و ذي وَعْـدِ

لو أنِّي لَمْ أخُنْ رَبِّـي

بِبَيتِ القُدسِ و المَهْـدِ

و أنِّي صادِقُ النَّجْـوَى

و أنِّي بَارِقُ الرَّعـدِ

و يُزجِي اللهُ فَوقَ مَطَارِحِي سُحُبـاً

رِوايَةَ كلِّ مُنْطلـقِ

كنَهرٍ مِنْ لُجَينِ النُّـورِ

مُنْدَفِـقِ

و شلالٍ بِماءِ الشمْس

مُنْخُفِقِ

و ما شَاءَ مِنَ الأجمَلِ مِنْ طَلٍّ ([6])

وَ مِنْ وَدَقِ ([7])

ـ10ـ

لو أنَّي أمَّةُ التوحِيـدِ

كانَ العِـزُّ في دارِي

لأنَّ العِـزَّ و التوحِيـدَ

مِثْلُ الجَـارِ للجَـارِ

و مِثْلُ العِطْـرِ لِلحَبَـقِ

و سِرُّ النورِ للألَـقِ

و في التوحِيـدِ توحِيـدٌ

لمِليَارِ فَتىً عـارِ

ـ11ـ

فإنْ شِئْتَ لهـذا النَّاسِ

إنْقَاذاً مِنَ الغـرَقِ

تَشَهَّدْ و اخْلَعَـنَّ الشِركَ

و اهْـدِ الكَوكَبَ السَّارِي

ـ12ـ

لو أنِّـي يـا سراييفـو

حِفِظْتُ القُـدْسَ مِـنْ قَبْلِكِ

و أيقَنْـتُ و مَا خِنْـتُ

عُهـودَ المُدْرِكِ المُهلِكِ

و عِندِي الذهَبُ النَّـارِي

و عِندي أنَّنِي للهِ

إقبَـالِي و إدبَـارِي

و عِنـدِي أنَّنِي للهِ

تَيـارِي و إعصَـارِي

و إقـرَاري

بِأنَّ السيفَ فِي يَـدِهِ

و مِنـهُ كُلُّ مَا أمـلِكْ

لَما كُنْتِ يـا سراييفـو

بِصوتٍ مِنكِ مُخْتَنِقِ

و جُـرحٍ فِيكِ مُنفَهِقِ ([8])

تَئِنِّينَ على الأقمَارِ و التِلفَازِ و الصُّحُفِ

و لا تَشتَعِلُ الدنيَا و لا الأوطَـانُ

مِـنْ حَـولِكْ

ـ13ـ

لو أنِّي يـا سراييفـو

لو أنِّي أُمَّـةُ القـرآنْ

لو أنِّي أمَّـةُ الدَيَّـانْ

لَمـا هِنْـتُ

و لا هَانـَتْ صَبَايَـاكِ

و لا كانَـتْ  رَعَايَـاكِ

على السِكِّينِ بِاسمِ حَضـارَةِ الإنسانْ

تَـدْمَى في حَنايَـاكِ

لقدْ غَرِقَتْ حَضارَةُ كلِّ أهلِ الغَـربِ

في قَهْـرِكْ

و قد وَلَغَتْ ([9]) كلابُ العَصْرِ و الذُؤبَانُ

فـي نَحْـرِكْ

ـ14ـ

فَصَبـراً يـا سراييفـو

فَوَعْدُ اللهِ بَينَ القَلبِ و الأُفُـقِ

بِيومٍ يُـورِقُ الحَجَرُ

بِـهِ و يُحَمْدِلُ الشجَرُ

فَآياتٌ بِهِ لِلفَتْحِ بَينَ الصَّخْـرِ و الشَّفَـقِ

و غَابَاتٌ مِنَ العُقبَانِ بِينَ القَهْرِ و القَلَـقِ

و رايَاتٌ بِهَا يَمْضِي لِواءُ الحَمْـدِ

مَعقُـوداً لـهُ الظَّفَـرُ

مَجَرَّاتٌ مِنَ الأبطَالِ بِالتَكبِيـر

يُنْسَى الرَّعْـدُ إنْ زأروا

و يُذْكَرُ وَحْدَهُ الرحمانُ فَهْوَ نَعِيمُ كُلِّ تَقِـي

و كُلِّ مُجَاهِـدٍ بِالنَّفْسِ

حتَّى آخِرِ الرَّمَـقِ([10])

 

[1]  الريَّان: ضد العطشان.

[2] الرمق : بقيةُ الحياة.

[3]  الديجور:الظلام.

[4]  النَصْل:حديدة ُ السهمِ و الرمح.

[5]  حَردَ: انفرد و غضب .

[6] الطل : المطر الخفيف ، الندى .

[7]  الودق : المطر .

[8]  منفهق :واسع.

[9] ولغ الكلب في الإناء: شرب ما فيه و حرك لسانه بداخله .

[10]  الرمق : بقية الحياة.