تفسير الآية 57 من سورة غافر

بسم الله الرحمن الرحيم  
﴿ لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ .
قوله عز وجل﴿ لَخَلْـقُ السَّمَـاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ .. ﴾هذه حقيقة يعرف جزءاً يسيراً منها علماء الفلك اليوم ونحن في القرن الخامس عشر الهجري ، الحادي والعشرين الميلادي وهو  القرن الأكثر تقدماً علمياً في تاريخ البشر. وقلت إن علماء الفلك يعلمون جزءاً يسيراً من هذه الحقيقة لأنهم رغم كشوفهم المتتالية منذ القرن السادس عشر الميلادي ورغم أجهزتهم العملاقة اليوم وحواسبهم المدهشة وكشف أسرار في الفضاء تبدو مذهلة ، فرغم كل ذلك ، هم ما زالوا يراوحون في السماء الدنيا ، أو بكلمة أصح تحت السماء الدنيا . والذي تحت السماء الدنيا من مدهشات الفلك وتعقيدات المجرات ومليارات الشموس  وعشرات الأقمار وأنواع النجوم الهائلة بعداً وأنواعاً وأحجاماً كافٍ . أقول إنما تحت السماء الدنيا وحدها كافٍ لمعرفة أن خلق السماء أكبر من خلق الناس . ولكن الله تعالى يقول﴿ لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ .. ﴾ : فأية سماوات يعنيها الله سبحانه ، لا شك أن جميع الذين اطلعوا على الكتب السماوية ، وخاصة منها القرآن الكريم الذي فصَّل أكثر وأكثر في علوم الفلك ، لا شك أن هؤلاء يعرفون ما لا يعرفه علماء الفلك ، وهو أن السماوات هي سبعٌ وأن تحت كل سماء أرضٌ من جنس أرضنا وإنما أكبر فأكبر ،  تبعاً لإتساع كل سماء فوق سمائنـا . إلى هنا يجـب أن نقف عند قوله تبارك وتعالى في آخر الآية : ﴿.. وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾فنحن قلنا ظاهراً إن أكثر الناس المتدينين يعلمون فما السر في قوله تعالى : ﴿ .. وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ  ؟ ﴾  هذا صحيح طبعاً ، وهو سبحانه الأعلم بخلقه لهذا الوجود اللامتناهي ، والحق إن فوق هذه السماوات والأرضين الهائلة المتمادية في الكبر والمساحات والمسافات [ ولا ننسى أن علم الفلك لم يتوصل بعد إلى حدود السماء الدنيا ] قلنا إن فوق السماوات السبع والأرضين السبع ما لا يعلمه إلاَّ الله وأهل خاصته من عباده من الأولين والآخرين ، من الذين تفضل عليهم سبحانه ورفعهم بأسرع من سرعة الملائكة يعني بأسرع من الضوء الذي يستحيل على أهل العلم الإنتقال بواسطته ، فالضوء سرعته : … ..3 كلم في الثانية ، بلى يرفع الله سبحانه أهل خاصته إلى عرش عزته ، والرفع يتم في يوم مقداره ألف سنة ضوئية ، من مصاديق قوله جل وعز : ﴿ .. يُعْرَجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَـةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ ﴾  هذه الآية هي الخامسة في سورة السجدة .